السمع ، فإن بعض الأشخاص مع كون سمعها عسرا تصير ذاتها مدركة للألحان الموسيقية ، وهذا مما جعله الله تعالى من تكون الأجزاء الأذنية.
«المبحث الرابع في الصوت» :
إذا قرع على جسم لدن حصل في كتلته وفي جميع أجزائه حركة ارتجاجية ، وهذه الحركة عند مصادمتها للهواء ينشأ منها الصوت ، ومتى كان الهواء عظيم الكثافة سهل بالكلية توصيل الصوت فلذلك يضعف هذا التوصيل في الهواء المنشحن بالبخارات الثقيلة ، ويقوى كثيرا في الغازات الرطبة ، وتكون قوة الصوت في الهواء البارد المتكاثف أشد منها في الهواء الساخن المتمدد بواسطة الحرارة (واعلم) أن سرعة انتشار الصوت أقل من سرعة انتشار الضوء ، فإن دوي المدفع البعيد لا يسمع إلا بعد مشاهدة اشتعال ذخيرته بلحظة ، وأشعة الصوت تنفرج وتنعكس مثل أشعة الضوء عند مقابلتها العائق ما ، فتكون زاوية انعكاسها مساوية لزاوية سقوطها ، ومتى انعكست هذه الأشعة الصوتية جاءت مع الصوت الأول في آن واحد ، فيزيد بهذا الانعكاس قوة وشدة وإذا لم تأت معه بأن أتت بعده نشأ منها الظاهر المسمى بالصدى ، والاهتزازات الصوتية للأجسام قد تحصل بسرعة ، وقد تحصل ببطء ، وهذا هو الموجب لاختلاف الأصوات فالاهتزازات السريعة تنشأ عنها الأصوات الحادة والاهتزازات البطيئة تنشأ عنها الأصوات الخشنة ومن تتابع الأصوات الحادة يتولد ائتلاف الأصوات ، وعدد الاهتزازات يختلف باختلاف طول الأوتار الموسيقية وغلظها وتوترها.
«المبحث الخامس في الصوت الحيواني» :
الصوت لا يوجد في الحيوانات ذوات الرئة ، كالحيوانات الثديية ، والطيور والهوام وغيرها ؛ لأن الصوت إنما يتكون من اندفاع الهواء المنحصر في الرئة بواسطة العضلات الزفيرية ، فإنها كدفتي المنفاخ تكبس على الرئة ، فيندفع الهواء منها للخارج في القناة المسماة بالقصبة الرئوية التي هي مكونة من حلقات غضروفية منضمة لبعضها بأغشية صغيرة تنقبض وتنبسط ، فتقصر أو تطول ، وتضيق أو تتسع على حسب الإرادة ، وهذه القناة تنتهي على الأعلى بمتسع يسمى بالحنجرة مفتوح من سطحه العلوي بفوهة متجهة من الخلف إلى الأمام تتمدد شفتاها وتنضمان حتى تتلامسا ، وفي أعلاها قرب قاعدة اللسان يسمى بطبق الحنجرة ، أو بلسان المزمار مرتبط بجزء من حافة المزمار ، فيرتفع وينخفض كي يسده عند الحاجة ، وبالجملة فالقصبة الرئوية مرسلة الهواء بمنزلة أسطوانة مزمارية تتمدد طولا وعرضا ؛ ليتكون عنها درجات الصوت ، وأنواع الثقل جدا على الدقيق جدا ، وشفتا المزمار بمنزلة ريشتي