حجيته (١) ، والحجية المجعولة غير مستتبعة لانشاء أحكام تكليفية بحسب ما أدى إليه الطريق ، بل إنما تكون موجبة لتنجز التكليف به إذا أصاب ،
______________________________________________________
كونه قولا ثالثا ، ولكنه يشير اليه في مقام الجواب عن اشكال المثلية والضدّية في ما قامت عليه بعض الاصول العملية ، لانه قائل فيها بجعل الحكم النفسي.
(١) بيانه ان معنى الحجية هو كون الشيء مما يصح ان يحتج به العبد على مولاه ، فانها من الحجة التي هي مستند المحتج في مقام احتجاجه ، وهذا المعنى موجود في القطع لا بجعل جاعل كما تقدم بيانه مفصّلا في المبحث الاول من مباحث القطع فان القاطع مما يصح له الاحتجاج بقطعه ، وللقطع حجيّة بذاته وليس لغيره هذه الحجيّة بالذات ، لان غيره ليس كالقطع مما ينكشف به متعلقه انكشافا تاما لا يشوبه احتمال الخلاف بل الانكشاف به انكشاف مشوب باحتمال الخلاف ، ومع كونه كذلك لا يصح للعبد الاحتجاج به على المولى في الاكتفاء باتيانه ، اذ مع احتماله الخلاف لا يقطع باتيان ما امره مولاه باتيانه ، فللمولى ان يجعل الحجية لما هو ليس حجة بذاته بان يعتبره مما يصح للمولى وللعبد الاحتجاج به ، وهو امر معقول يصح جعله واعتباره ويترتب عليه آثاره الاربعة ، فان جواب الامام عليهالسلام للسائل الذي يسأله عن ما يرجع اليه حيث لا يمكنه ان يصل الى الامام ليحصل له العلم ، فيجيبه الامام عليهالسلام مشيرا الى زرارة بقوله : (فعليك بهذا الجالس) (١) فان المتحصل من امره باتباع ما يقوله زرارة معناه اني قد اعتبرت خبره حجة كالعلم يصح لك التعويل عليه والاحتجاج به ، ومثله المتحصّل من صدّق العادل ، فان المراد من تصديق العادل ليس صرف الاذعان النفسي بخبره ، بل هو كون كلامه صدقا وواقعا ، وحيث انه لا يوجب العلم بالواقع وجدانا فلا بد من ان يكون المراد بذلك هو كون لكلامه ما للعلم من صحة التعويل عليه والاحتجاج به ، وأصرح من هذا كله تصريح بعض الاخبار بان قول العادل
__________________
(١) بحار الانوار ج ٢. عن الكشي ص ١٣٦.