بقي الكلام في أنه هل يمكن التخيير عقلا أو شرعا بين الاقل والاكثر ، أو لا (١)؟
______________________________________________________
الواجب معينا وليس لا بعينه ، لوضوح انه مع تعدد الغرض يكون كل واحد منها معينا هو الواجب ، إلّا انه حيث كان الاتيان بالآخر يسقطه كان كل واحد منها واجبا معينا ولكن يجوز تركه الى بدل ، فلا يعقل ان يرجع قول القائل بأن الواجب احدهما لا بعينه الى هذا ، فلا بد في مقام التأويل لكون الواجب احدهما لا بعينه ان نقول انه يمكن ان يرجع الى الاحتمال الاول وهو انه حيث كان الغرض بناء عليه واحدا ومستندا الى جامع واحد المؤثر فيه ، وحيث كان الجامع مجهولا الا من حيث انه يوجد بين هذه الطبائع التي وقع التخيير فيها وكل واحد منها انما امر به تخييرا لكونه به يحصل ذلك الجامع المجهول لا انه بذاته هو الواجب فليس كل واحد منها هو الواجب معينا ، وحيث كان الجامع يوجد في احدها فيكون كل واحد منها مثل الآخر في كونه وافيا بالغرض لحصول الجامع المؤثر في الغرض فيه ، فيصح ان يقال : ان الواجب ليس احدها معينا وكل واحد منها ليس بذاته ولا بعينه واجبا ولكنه يحصل باتيان احدها ، فلذا كان أحدها لا بعينه هو الواجب.
ولا يخفى : انه لم يتعرض لرد القول بكون الواجب هو المعين عند الله لما تقدم من سخافته على ظاهره ، وارجاعه الى القول الثالث ـ أيضا ـ لا يخلو عن سخافة كما مر.
(١) لا يخفى ان المدعى محاليته هو التخيير بين الاقل والاكثر مع مساواة الاقل للاكثر في كل جهة عدا كون احدهما اقل والآخر اكثر. واما لو اختلف الاقل والاكثر بشيء ما ولو بالعنوان الذي يجب قصده في مقام الاتيان كعنوان الظهر والجمعة فانهما يكونان من المتباينين لا الاقل والاكثر ، لأن الركعتين اللتين يجب قصد عنوان الجمعة فيهما غير الركعتين في ضمن الاكثر الذي كان عنوانهما هو الظهرية ، وكذا فيما اذا لم يختلفا بالعنوان ولكن اختلفا بكيفية ما كما اذا كان السلام في الركعتين بعد الثانية في القصر وعلى الرابعة في التمام ، فان الركعتين اللتين يكون السلام فيهما على