رضي الله عنه : إن كان هناك نسب يريد أن ينفيه ، أو حمل يتبرأ منه لا عن. وإذا لم يكن هناك حمل يرجى ، ولا نسب يخاف تعلقه لم يكن للعان فائدة ، فلم يحكم به ، وكان قذفا مطلقا داخلا تحت قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) الآية.
كيفية اللعان
كلمات اللعان هي على ما في كتاب الله تعالى : أن يقول الزوج أربع مرّات أشهد بالله إني لمن الصادقين ، وفي المرّة الخامسة يقول : لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. وشهادة الحال قرينة على تعيين متعلّق الصدق والكذب في قوله : (لَمِنَ الصَّادِقِينَ مِنَ الْكاذِبِينَ) أي فيما رميتها به من الزنى ونفي الولد ، وكذلك المرأة تقول في لعانها أربع مرات : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين ، وفي المرة الخامسة تقول : غضب الله عليها إن كان من الصادقين ، وتكتفي بدلالة الحالة عن ذكر متعلّق الصدق والكذب ، هذه كلمات اللعان على ما حكاها الله سبحانه تراها قد اكتفي فيها بشهادة الحال عن بيان متعلّق الصدق والكذب.
إلا أنّ بعض العلماء اشترط أن يذكر باللفظ متعلّق الصدق والكذب لقطع احتمال أن ينوي متعلقا آخر للصدق والكذب.
وكذلك ظاهر الآية أنه لا يقبل من الرجل أقلّ من خمس مرات ، ولا يقبل منه إبدال اللعنة بالغضب ، وكذلك لا يقبل من المرأة أقل من خمس مرات ولا أن تبدل الغضب باللعنة.
وظاهر الآية أيضا البداءة بالرجل في اللعان ، وهو مذهب الجمهور من فقهاء الأمصار. وأبو حنيفة رحمهالله يعتدّ بلعانها إذا بدئ به. ومرجع الخلاف بين الإمام أبي حنيفة والجمهور من الفقهاء في هذا إلى أن الفقهاء يرون لعان الزوج موجبا للحد على الزوجة ، ولعانها يسقط ذلك الحد ، فكان من الطبيعي أن يكون لعانها متأخرا عن لعانه. وأبو حنيفة لا يرى لعان الزوج موجبا لشيء قبلها ، فليس من الضروري أن يتأخر لعانها عن لعانه ، وسيأتي لهذه المسألة مزيد تفصيل في الكلام على فائدة اللعان.
هذه كيفية اللعان المأخوذة من القرآن ، ويزاد عليها من السنة أنّه إذا كانت المرأة حاملا ، وأراد الزوج أن ينفي ذلك الحمل وجب أن يذكره في لعانه ، كأن يقول : وإنّ هذا الحمل ليس مني ، هذا رأي الأئمة الثلاثة وجمهور الفقهاء. وقال أبو حنيفة : لا لعان لنفي الحمل ، وإذا نفاه في لعانه لم ينتف ، وسبيله إذا أراد نفيه أن ينتظر حتّى تضع حملها ، فيلاعن لنفيه ، لاحتمال أن يكون ما بها نفاخ وليس بحمل.
وكذلك إذا كان هناك ولد يريد الزوج نفيه عنه وجب التعرّض لذلك في اللعان ، وأخذ العلماء من أحاديث اللعان أيضا أنّه يندب أن يقام الرجل حتى يشهد ، والمرأة