والآلام ـ بل هذه السنّة جارية في كلّ عصر من حياة الأنبياء عليهمالسلام ـ ولكن بعد ارتحاله وارتحالهم الى الملأ الأعلى لم يبق ذلك مع أنّه لا بدّ وأن يتحقّق ويستمر ، وإلّا يستلزم الخلف المذكور ، فتطبيق القوانين الإلهيّة على عامّة سكنة هذه الأرض ممّا لا بدّ منه ، ولا يتحقّق ذلك إلّا بإشراف شخص كامل من جميع الجهات لائق ، مؤيّد ، مرتبط بالسماء ، يعرفه جميع الأنبياء ، فهذه الصفات لا تجتمع إلّا في مهدي هذه الامة ، فبه يملأ الأرض عدلا وينشر القسط فيها ، ويرفع الظلم عنها ، ويهبط المسيح من السماء حينئذ ويقتدي بداعي الله تعالى بعد ما أشرقت الأرض بنور ربّها وتحقّقت الأهداف السماويّة ، فلا بدّ من مهدي هذه الامة وهبوط المسيح من السماء للهدف المنشود. وللكلام تتمّة يأتي التعرّض له في الموضع المناسب إن شاء الله تعالى.
وكيف كان ، فالرواية تدلّ على ما اخترناه في التفسير ، فراجع ولا حاجة للتكرار.
ثمّ إنّ السيوطي ذكر في الدرّ المنثور في ضمن الآية الشريفة (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) رواية عن شهر بن حوشب أيضا ، وتقدّمت الرواية في التفسير وهي متّفقة في أصل المضمون مع السابقة وإن اختلفت في بعض الجهات وهو لا يضرّ ، سواء كانتا من باب التعدّد في القضية أم غير ذلك.
وفي الدرّ المنثور عن ابن حبان عن أبي هريرة : انّ النبي صلىاللهعليهوآله قال : «الأنبياء إخوان لعلات أمهاتهم شتى ، ودينهم واحد ، وإنّى أولى الناس بعيسى بن مريم ، لأنّه لم يكن بيني وبينه نبي ، وأنّه خليفتي على امتي ، وأنّه نازل ، فإذا رأيتموه فاعرفوا ، رجل مربوع ، الى الحمرة والبياض ، عليه ثوبان ممصران ، كأنّ رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل ، فيدق الصليب ، ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويدعو الناس الى الإسلام ، ويهلك الله في زمانه الملل كلّها إلّا الإسلام ، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال ، ثمّ تقع الامنة على الأرض حتّى ترتع الأسود مع الإبل ، والنمار مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، وتلعب الصبيان بالحيات لا تضرّهم. فيمكث أربعين سنة ثمّ يتوفّى ويصلّي