كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ) قال : «إنّ أهل الجاهلية كانوا لا يورّثون الصبي الصغير ولا الجارية من ميراث آبائهم شيئا ، وكانوا لا يعطون الميراث إلّا لمن يقاتل ، وكانوا يرون ذلك في دينهم حسنا ، فلما أنزل الله فرائض المواريث وجدوا من ذلك وجدا شديدا فقالوا : انطلقوا الى رسول الله فنذكره ذلك لعلّه يدعه أو يغيّره ، فأتوه فقالوا : يا رسول الله للجارية نصف ما ترك أبوها وأخوها ، ويعطي الصبي الصغير الميراث ، وليس واحد منهما يركب الفرس ولا يحوز الغنيمة ولا يقاتل العدو؟! فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : بذلك أمرت».
أقول : ذكر السيوطي في الدرّ المنثور روايات أخرى قريبة لما تقدّم وإن كانت تعابيرها مختلفة ، إلّا أنّ معانيها متقاربة. والمراد من قوله عليهالسلام : «وكانوا يرون ذلك في دينهم حسنا» ، أي : في عاداتهم السائدة في زمان الجاهليّة ؛ ولذلك شدّد الأمر عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآله بقوله : «بذلك أمرت» ، وخصّصت الرواية بموانع الإرث والزواج المنقطع ، كما ذكرنا في الإرث من (مهذب الأحكام).
وكيف كان ، فإنّه يستفاد من الآية الشريفة بقرينة هذه الرواية أنّها في مقام ردع بعض العادات السيئة الّتي كانت سائدة قبل البعثة.
وفي تفسير القمّي في قوله تعالى : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) : «انّ الرجل كان في حجره اليتيمة ، فتكون دميمة وساقطة ـ يعني : حمقا ـ فيرغب الرجل أن يتزوّجها ولا يعطيها مالها ، فينكحها غيره من أجل مالها ويمنعها النكاح ويتربّص به الموت ليرثها فنهى الله عن ذلك».
أقول : ظهر ممّا ذكرنا من أنّ الآية الكريمة في مقام ردع بعض العادات السيئة الّتي كانت سائدة عند العرب قبل البعثة ، بتشريع أحكام خاصّة لهن ترجع شأنهن بقرينة هذه الروايات.