على وجه التحديد ، أي : إذا استبان الفيء في أصل الحائط من الجانب الشرقي عند الزوال ، فصار في رؤية العين قدر الشراك ، وهذا أقلّ ما يعلم به الزوال ، وإنّما يتبيّن ذلك في مثل مكّة المكرّمة والبلاد الّتي حولها ممّا يقلّ فيها الظلّ ، فإذا كان أطول النهار واستوت الشمس فوق الكعبة لم ير شيء من جوانبها ظل ، فكلّ بلد يكون أقرب إلى خط الاستواء ومعدّل النهار ، يكون الظلّ فيه أقصر ، وكلّ ما بعد عنهما إلى جهة الشمال يكون الظلّ أطول.
ويمكن أن يستدلّ بالرواية على جمع النبيّ صلىاللهعليهوآله بين الصلاتين ، والمراد من (مرّتين) يومين ، بقرينة ذيل الرواية. ولم يؤم جبرئيل لسوى رسول الله صلىاللهعليهوآله من الأنبياء العظام ، وهذا من مختصاته صلىاللهعليهوآله ، كما تدلّ على شرف البيت وكرامته أيضا.
وفي تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام قال : «في صلاة المغرب في السفر لا يضرّك إن تأخّرت ساعة ثمّ تصلّيها إن أحببت أن تصلّي العشاء الآخرة ، وإن شئت مشية ساعة إلى أن تغيب الشفق ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله صلّى صلاة الهاجرة والعصر جميعا ، والمغرب والعشاء الآخرة جميعا ، وكان يؤخّر ويقدّم ، إنّ الله تعالى قال : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) ، إنّما عنّى وجوبها على المؤمنين ، لم يعن غيره ، إنّه لو كان كما يقولون لم يصل رسول الله صلىاللهعليهوآله هكذا وكان أعلم وأخبر ، وكان كما يقولون ، ولو كان خيرا لأمر به محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقد فات الناس مع أمير المؤمنين عليهالسلام يوم صفّين صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة ، وأمرهم عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام فكبّروا وهلّلوا وسبّحوا رجالا وركبانا ؛ لقول الله : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) ، فأمر عليّ عليهالسلام فصنعوا ذلك».
أقول : الهاجرة نصف النهار عند اشتداد الحرّ أو من عند الزوال إلى العصر ، وسمّي بها لأنّ غالب الناس يسكنون في بيوتهم ، فكأنّهم قد تهاجروا ، وصلاة الهجرة صلاة الظهر ، وفي الدعاء : «أتراك معذبيّ وقد أظمأت لك هواجري» ، أي : حصل لي شدّة العطش في هواجري لأجل عبادتك والخضوع لك.