وهناك روايات ذكرها الجمهور تدلّ على أنّ الآية المباركة : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) نزلت في عثمان بن طلحة ، الذي كان سادن الكعبة المشرّفة وبيده مفتاحها ، وأخذه علي عليهالسلام منه قسرا وفتح الكعبة ودخل فيها رسول الله صلىاللهعليهوآله وصلّى ركعتين ، فلمّا خرج منها سأله العباس أن يعطيه المفتاح وأبى علي عليهالسلام حتّى أنزل الله تعالى هذه الآية فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يعطى المفتاح إلى عثمان ، ففعل ذلك علي ، فأسلم عثمان بن طلحة إثر ذلك.
أقول : الرواية إن صحّت ، فإنّها يمكن أن يكون من باب التطبيق بعد العلاج والتأويل.
وفي كنز العمال للمتقيّ الهنديّ قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الشفعاء خمسة :
القرآن ، والرحم ، والأمانة ونبيّكم وأهل بيته».
أقول : يستفاد من هذه الرواية امور :
الأول : تحقّق الشفاعة في يوم القيامة ـ وأنّه لا سبيل لإنكارها ـ كما تدلّ عليها آيات كثيرة تقدّمت في بحث الشفاعة ، وأنّ الشفيع لا بد أن يكون له شأن ومنزلة عند الله تعالى حتّى يصحّ التقرّب به إليه جلّت عظمته ، فإنّ لهذه الخمسة شأن معنوي ومنزلة رفيعة عند الله تعالى.
الثاني : تلازم كلّ واحد من هذه الخمسة مع الآخر ؛ لأنّ العمل بكلّ واحد منها يستلزم العمل بالآخر ، وتقدّم أنّ الرحم أعمّ من الرحم التكوينيّ وغيره الذي فسّر بمحمد وآل محمد ؛ ولذلك قرنه الله عزوجل معه في قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) [سورة النساء ، الآية : ١].
الثالث : المراد من الأمانة معناها العامّ الشامل للأحكام الشرعيّة والدستورات الإلهيّة التي جاء بها القرآن أو النبيّ صلىاللهعليهوآله ، لا خصوص المعصومين ، بقرينة ذيل الرواية.
الرابع : أنّ الحصر في الخمسة إضافي لا حقيقيّ ، ففي بعض الروايات :