قائمة الکتاب
سورة الطلاق
٤٣٧
إعدادات
تفسير الثعالبي [ ج ٥ ]
تفسير الثعالبي [ ج ٥ ]
المؤلف :عبدالرحمن بن محمد بن مخلوف أبي زيد الثعالبي المالكي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الصفحات :671
تحمیل
وقوله سبحانه : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) قال فيه المفسرون : المعنى ومن آمن وعرف أنّ كلّ شيء بقضاء الله وقدره وعلمه ، هانت عليه مصيبته وسلّم لأمر الله تعالى.
وقوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) إلى آخر الآية ، وعيد وتبرئة للنبي صلىاللهعليهوسلم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)(١٥)
وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ) إلى آخر السورة قرآن مدنيّ واختلف في سببه ، فقال عطاء بن أبي رباح : إنّه نزل في عوف بن مالك الأشجعيّ ؛ وذلك أنّه أراد غزوا مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فاجتمع أهله وأولاده ، وتشكّوا إليه فراقه ، فرّق لهم فثبّطوه ولم / يغز ، ثم إنّه ندم وهمّ بمعاقبتهم ، فنزلت الآية (١) بسببه محذّرة من الأزواج والأولاد وفتنتهم. ثم صرف تعالى عن معاقبتهم بقوله : (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا) وقال بعض المفسرين : سبب الآية أنّ قوما آمنوا وثبّطهم أزواجهم وأولادهم عن الهجرة فلم يهاجروا إلا بعد مدة ، فوجدوا غيرهم قد تفقّه في الدين ، فندموا وهمّوا بمعاقبة أزواجهم وأولادهم ، ثم أخبر تعالى أن الأموال والأولاد فتنة تشغل المرء عن مراشده ، وتحمله من الرغبة في الدنيا على ما لا يحمده في آخرته ، ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم : «الولد مبخلة مجبنة» (٢) ، وخرّج أبو داود حديثا في مصنفه «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يخطب يوم الجمعة على المنبر حتّى جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يجرانهما ، يعثران ويقومان ، فنزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن المنبر حتّى أخذهما ، وصعد بهما ، ثم قرأ : (إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ...) الآية ، وقال : إني
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ١٧٧) ، برقم : (٣٤٢٠١) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٢٠)
(٢) رواه ابن ماجه عن عبد الله بن سلام قال : جاء الحسن والحسين يستبقان إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فضمهما إليه ، وذكره ، وللعسكري والحاكم عن الأسود بن خلف أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم أخذ حسنا فقبله ، ثم أقبل عليهم فقال : إن الولد مجبنة مبخلة ، وأحسبه قال : مجهلة ، وللعسكري أيضا : عن أشعث بن قيس قال : مررت على النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال لي : «ما فعلت بنت عمّك» قلت : نفست بغلام ، وو الله لوددت أن لي به سبعة ، فقال : «أما لئن قلت إنهم لمجبنة مبخلة ، وإنهم لقرة العين وثمرة الفؤاد» ، وله أيضا عن عمر بن عبد العزيز ، قال : زعمت المرأة الصالحة خولة ابنة حكيم ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج وهو يحتضن حسنا أو حسينا ، وهو يقول : «إنكم لتجبّنون وتجهّلون ، وإنكم لمن ريحان الله» ، وأخرجه أبو يعلى والبزار بسند ضعيف عن أبي سعيد بلفظ : «الولد ثمرة القلب ، وإنه مبخلة مجبنة محزنة».
ينظر : «كشف الخفاء» (٢ / ٤٧٠)