وقوله سبحانه : (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) قال قتادة : يريد كفّ أيديهم عن أهل المدينة في مغيب النبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين (١) ، (وَلِتَكُونَ آيَةً) أي : علامة على نصر المؤمنين ، وحكى الثعلبيّ عن قتادة أنّ المعنى : كفّ الله غطفان ومن معها حين جاؤوا لنصر خيبر (٢) ، وقيل : أراد كفّ قريشا.
(وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢١) وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٢٢) سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (٢٣) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٢٤) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٢٥) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)(٢٦)
وقوله سبحانه : (وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها) قال ابن عبّاس : الإشارة إلى بلاد فارس والروم (٣) ، وقال قتادة والحسن : الإشارة إلى مكّة (٤) ، وهذا قول يتّسق معه المعنى ويتأيّد /.
وقوله : قد أحاط الله بها معناه : بالقدرة والقهر لأهلها ، أي : قد سبق في علمه ذلك ، وظهر فيها أنّهم لم يقدروا عليها.
* ت* : قوله : وظهر فيها إلى آخره كلام غير محصل ، ولفظ الثعلبيّ : (وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها) أي : وعدكم فتح بلدة أخرى لم تقدروا عليها ، قد أحاط الله بها لكم حتّى يفتحها عليكم ، وقال ابن عبّاس (٥) : علم الله أنّه يفتحها لكم ، قال مجاهد (٦) : هو ما فتحوه حتى اليوم ، ثم ذكر بقيّة الأقوال ، انتهى.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٣٥٢) برقم : (٣١٥٣٨ ـ ٣١٥٣٩) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٣٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٧٧) ، وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ١٣٥)
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ٣٥٣) رقم (٣١٥٤١) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ١٩٨) وابن عطية (٥ / ١٣٥)
(٤) أخرجه الطبري (١١ / ٣٥٤) برقم : (٣١٥٥١ ـ ٣١٥٥٢) عن قتادة ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ١٩٨) ، وابن عطية (٥ / ١٣٥) ، وابن كثير (٤ / ١٩١) عن قتادة ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٧١) ، وعزاه إلى عبد الرزاق ، وعبد بن حميد.
(٥) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ١٩٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ١٩٢)
(٦) أخرجه الطبري (١١ / ٣٥٣) برقم : (٣١٥٤٥) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ١٩٨)