تعالى : (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ
الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً) ـ إبطالا لقولهم ونقضا عليهم. انتهى.
وقوله تعالى : (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ) ، يعني : التوراة ، و (قَراطِيسَ) : جمع قرطاس ، أي : بطائق وأوراقا ، وتوبيخهم بالإبداء
والإخفاء هو على إخفائهم أمر محمّد صلىاللهعليهوسلم وجميع ما عليهم فيه حجّة.
وقوله سبحانه :
(وَعُلِّمْتُمْ ما
لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ) ، يحتمل وجهين :
أحدهما : أن
يقصد به الامتنان عليهم ، وعلى آبائهم.
والوجه الثاني
: أن يكون المقصود ذمّهم ، أي : وعلّمتم أنتم وآباؤكم ما لم تعلموه ، فما انتفعتم
به ؛ لإعراضكم وضلالكم.
ثم أمره سبحانه
بالمبادرة إلى موضع الحجّة ، أي : قل الله هو الذي أنزل الكتاب على موسى ، ثم أمره
سبحانه بترك من كفر ، وأعرض ، وهذه آية منسوخة بآية القتال ؛ إن تؤوّلت موادعة ،
ويحتمل ألّا يدخلها نسخ إذا جعلت تتضمّن تهديدا ووعيدا مجرّدا من موادعة.
وقوله سبحانه :
(وَهذا كِتابٌ
أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ) : «هذا» : إشارة إلى القرآن ، وقوله : (مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) ، يعني : التوراة والإنجيل ؛ لأن ما تقدّم ، فهو بين
يدي ما تأخّر ، و (أُمَّ الْقُرى) : مكّة ، ثم ابتدأ تبارك وتعالى بمدح قوم وصفهم ، وأخبر
عنهم ؛ أنهم يؤمنون بالآخرة والبعث والنشور ، ويؤمنون بالقرآن ، ويصدّقون بحقيقته
، ثم قوّى عزوجل مدحهم بأنهم يحافظون على صلاتهم التي هي قاعدة العبادات
، وأمّ الطاعات ، وإذا انضافت الصلاة إلى ضمير ، لم تكتب / إلا بالألف ، ولا تكتب
في المصحف بواو إلا إذا لم تضف إلى ضمير.
وقد جاءت آثار
صحيحة في ثواب من حافظ على صلاته ، وفي فضل المشي إليها ؛ ففي «سنن أبي داود» ، عن
بريدة ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «بشّر المشّائين في الظّلم إلى
__________________