قال ابن عبّاس (١) : (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) عقوبة لمعصيتكم لنبيّكم ـ عليهالسلام ـ. انتهى.
(وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ)(١٦٧)
وقوله سبحانه : (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) ، يعني : يوم أحد.
وقوله سبحانه : (وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ) ، أي : ليعلم الله المؤمن من المنافق ، والإشارة بقوله سبحانه : (نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ) : هي إلى عبد الله بن أبيّ وأصحابه ، حين انخزل بنحو ثلث النّاس ، فمشى في إثرهم عبد الله بن عمرو بن حزام أبو جابر بن عبد الله ، فقال لهم : اتقوا الله ، ولا تتركوا نبيّكم ، وقاتلوا في سبيل الله ، أو ادفعوا ، ونحو هذا من القول ، فقال له ابن أبيّ : ما أرى أن يكون قتالا ، ولو علمنا أن يكون قتال ، لكنا معكم ، فلما يئس منهم عبد الله ، قال : اذهبوا أعداء الله ، فسيغني الله رسوله عنكم ، ومضى مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم فاستشهد.
وقوله تعالى : (أَوِ ادْفَعُوا) ، قال ابن جريج وغيره : معناه : كثّروا السواد ، وإن لم تقاتلوا / ، فيندفع القوم ؛ لكثرتكم (٢) ، وذهب بعض المفسّرين إلى أنّ قول عبد الله بن عمرو : «أو ادفعوا» : استدعاء للقتال حميّة ؛ إذ ليسوا بأهل للقتال في سبيل الله ، والمعنى : قاتلوا في سبيل الله ، أو قاتلوا دفاعا عن الحوزة ؛ ألا ترى أنّ قزمان قال في ذلك اليوم : والله ، ما قاتلت إلّا على أحساب قومي ، وقول الأنصاريّ يومئذ ؛ لمّا أرسلت قريش الظّهر في الزّروع : أترعى زروع بني قيلة ، ولمّا نضارب.
(الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٦٨) وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١) الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ)(١٧٢)
__________________
(١) ذكره ابن عطية (١ / ٥٣٨) ، والسيوطي (٢ / ١٦٦) ، وعزاه لابن المنذر.
(٢) ذكره الماوردي في «تفسيره» (١ / ٤٣٥) ، وابن عطية (١ / ٥٣٩)