أجمعنا الكرّة إليهم ، قال : فإنّي أنهاك عن ذلك ، وو الله ، لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيهم شعرا ، قال : وما قلت؟ قال : قلت (١) : [البسيط]
كادت تهدّ من الأصوات راحلتي |
|
إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل (٢) |
تردي بأسد كرام لا تنابلة |
|
عند اللّقاء ولا ميل معازيل (٣) |
فظلت عدوا أظنّ الأرض مائلة |
|
لمّا سموا برئيس غير مخذول (٤) |
إلى آخر الشّعر ، فألقى الله الرّعب في قلوب الكفّار ، وقال صفوان بن أميّة (٥) : لا ترجعوا فإني أرى أنه سيكون للقوم قتال غير الذي كان ، فنزلت الآية في هذا الإلقاء ، وهي بعد متناولة كلّ كافر ؛ قال الفخر (٦) : لأنه لا أحد يخالف دين الإسلام ، إلا وفي قلبه خوف من الرّعب ، إما عند الحرب ، وإما عند المحاجّة. انتهى.
وقوله سبحانه : (بِما أَشْرَكُوا) ، هذه باء السّبب ، والسّلطان : الحجّة والبرهان.
قال ص : قوله : (وَبِئْسَ) ، المخصوص بالذّمّ محذوف ، أي : النار [انتهى].
__________________
(١) ينظر : «السيرة» لابن هشام (٣ / ١٠٣). وبعده :
فقلت : ويل ابن حرب من لقائكم |
|
إذا تغطمطت البطحاء بالجيل |
إني نذير لأهل البسل ضاحية |
|
لكل ذي إربة منهم ومعقول |
من جيش أحمد لاوخش تنابلة |
|
وليس يوصف ما أنذرت بالقيل |
(٢) تهد : تسقط لهول ما رأت من أصوات الجيش وكثرته. والجرد : الخيل العتاق. والأبابيل : الجماعات.
(٣) تردى : تسرع. والتنابلة : القصار. والميل : جمع أميل ، وهو الذي لا رمح أولا ترمى معه ؛ وقيل : هو الذي لا يثبت على السرج. والمعازيل : الذين لا سلاح معهم.
(٤) العدو : المشي السريع. وسموا : علوا وارتفعوا.
(٥) صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جدح. أبو وهب ، وقيل : أبو أمية القرشي ، الجمحي. روى عنه ابنه عبد الله ، وعبد الله بن الحارث ، وعامر بن مالك ، وطاوس. قتل أبوه يوم بدر كافرا. وهرب هو يوم فتح «مكة» ثم عاد إليها بعد أن أخذ أمانا من النبيّ ، وأعار النبيّ سلاحا يوم حنين ، وحضرها مشركا ، ثم أسلم ، وحسن إسلامه ، وكان من المؤلفة قلوبهم ، وكان من أشراف قريش في الجاهلية وأحد المطعمين.
ينظر ترجمته في : «أسد الغابة» (٣ / ٢٣) ، و «الإصابة» (٣ / ٢٤٦) ، و «الثقات» (٣ / ١٩١) ، و «نقعة الصديان» (٣٠٠) ، و «الاستيعاب» (٢ / ٧١٨) ، و «الاستبصار» (٩٣ ، ١١٥) ، و «تجريد أسماء الصحابة» (١ / ٢٦٦) ، و «الطبقات الكبرى» (٥ / ٤٤٩) ، و «سير النبلاء» (٢ / ٥٦٢) ، و «المعرفة والتاريخ» (١ / ٣٠٩) ، و «التاريخ الكبير» (٤ / ٣٠٤) ، و «الجرح والتعديل» (٤ / ١٨٤٦) ، و «الثقات» (٣ / ١٩١) ، و «الكاشف» (٢ / ٢٩) ، و «العبر» (١ / ٥٠) ، و «الأعلام» (٣ / ٢٠٥) ، و «تهذيب الكمال» (٢ / ٦٠٨) ، و «تهذيب التهذيب» (٤ / ٤٢٤) ، و «تقريب التهذيب» (١ / ٣٦٧)
(٦) ينظر : «الفخر الرازي» (٩ / ٢٧) ..