تلمذ على يدي عبد الله بن عبّاس ، وكان ابن عبّاس لا يألو جهدا في تثقيفه وتعليمه ، بل إنّه كان يقسو عليه حتّى يعلّمه ، روى ابن أبي شيبة عن عكرمة قال (١) :
«كان ابن عبّاس يجعل في رجليّ الكبل يعلّمني القرآن والسّنّة».
وروى البخاريّ في صحيحه عن عكرمة أن ابن عباس قال له (٢) :
«حدّث النّاس كلّ جمعة مرّة ، فإن أبيت فمرّتين ، فإن أكثرت فثلاث مرّات ، ولا تملّ النّاس هذا القرآن ، ولا ألفينّك تأتي القوم ، وهم في حديث من حديثهم ؛ فتقصّ عليهم ، فتقطع عليهم حديثهم فتملّهم ، ولكن أنصت ، فإذا أمروك فحدّثهم ، وهم يشتهونه ، وانظر السّجع من الدّعاء فاجتنبه ؛ فإنّي عهدتّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه لا يفعلون ذلك».
لقد اهتمّ ابن عبّاس بتلميذه هذا اهتماما كبيرا ؛ وكأنّه كان يعدّه ليكون خليفته في تفسير القرآن ، وكان يكافئه إذا ما أحسن فهم آية أشكلت على ابن عبّاس.
روى داود بن أبي هند عن عكرمة قال :
قرأ ابن عبّاس هذه الآية : (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً) [الأعراف : ١٦٤] قال ابن عبّاس : لم أدر أنجا القوم أم هلكوا؟ قال : فما زلت أبيّن له حتّى عرف أنهم نجوا ، فكساني حلّة (٣).
قال شهر بن حوشب : «عكرمة حبر هذه الأمّة» (٤).
وقد شهد له الأئمّة الأعلام بالثّقة والعدالة.
قال المروزيّ : قلت لأحمد : يحتجّ بحديث عكرمة؟ فقال : نعم ، يحتجّ به (٥).
وقال ابن معين : إذا رأيت إنسانا يقع في عكرمة وفي حمّاد بن سلمة ، فاتهمه على الإسلام (٦).
__________________
(١) «البداية والنهاية» ٩ / ٢٥٥ ، والكبل : القيد.
(٢) «ميزان الاعتدال» ٣ / ٩٣.
(٣) «طبقات ابن سعد» ٥ / ٢٨٨.
(٤) «ميزان الاعتدال» ٣ / ٩٣ ، مقدمة فتح الباري ص ٤٥٠.
(٥) «مقدمة فتح الباري» ص ٣٤٠.
(٦) «معجم الأدباء» ١٢ / ١٨٩.