أما الخواجا ، فهو الإمام القدوة الحافظ الكبير ، أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي بن محمد الأنصاري الهرويّ ، من ذريّة صاحب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أبي أيّوب الأنصاري. مولده بهرات سنة (٣٩٦ ه) وتوفّي بها سنة (٤٨١ ه) وقبره مزار مشهود هناك. كان على حظّ وافر من العربية والفقه والحديث والتواريخ والأنساب ، إماما كاملا في التفسير ، حسن السيرة في التصوّف ، غير مشتغل بكسب ، مكتفيا بما يباسط به المريدين والأتباع من أهل مجلسه في العام مرّة أو مرّتين على رأس الملأ ، فيحصل على ألوف من الدنانير وأعداد من الثياب والحليّ ، فيأخذها ويفرّقها على اللّحّام والخبّاز ، وينفق منها ، ولا يأخذ من السلطان ولا من أركان الدولة شيئا. وقلّ ما يراعيهم ، ولا يدخل عليهم ، ولا يبالي بهم ، فبقي عزيزا مقبولا قبولا أتمّ من الملك ، مطاع الأمر نحوا من ستين سنة ، من غير مزاحمة. وقد كان سيفا مسلولا على المتكلّمين ، له صولة وهيبة واستيلاء على النفوس ببلده ، يعظّمونه ويتغالون فيه ، ويبذلون أرواحهم فيما يأمر به. كان عندهم أطوع وأرفع من السلطان بكثير ، وكان طورا راسيا في السّنّة لا يتزلزل ولا يلين. وقد امتحن عدّة مرات وأوذي في الله. وله مقامات وحكايات ذكرها أرباب التراجم (١).
وأما الميبدي فهو الإمام السعيد رشيد الدين أبو الفضل ابن أبي سعيد أحمد بن محمد بن محمود الميبدي (٢) ، وكان أبوه جمال الإسلام أبو سعيد قد توفّي قبل الخواجا بسنة ـ سنة ٤٨٠ ه ـ ومن ثم فإن المترجم كان قد أدرك
__________________
(١) راجع : تذكرة الحفاظ للذهبي ، ج ٣ ، ص ١١٨٣ ، رقم ١٠٢٨. وسير أعلام النبلاء ، ج ١٨ ، ص ٥٠٣ ، رقم ٢٦٠.
(٢) راجع : مقدمة التفسير بقلم الدكتور على أصغر حكمت.