وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٨) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (١٩) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعادَ (٢٠)) (١) (٢) [الزمر : ٣٩ / ١٠ ـ ٢٠].
المعنى : قل أيها النبي : يا عباد الله الذين آمنوا بالله ربا وبالإسلام دينا ، اتقوا عذاب ربكم : باتباع أوامره ، واجتناب نواهيه ، فللمحسنين أعمالهم حسنة في الدنيا : وهي الصحة والعافية والنصر والسلطان ، وإذا لم تتمكنوا من ممارسة مقتضيات التقوى في بلد ، فهاجروا إلى بلد آخر ، حيث تمكن طاعة الله ، فإن أرض الله واسعة غير ضيقة ، فسيحة غير مغلقة ، إنما يوفي الله الصابرين في عملهم ثوابهم بغير مكيال ولا وزن ، وبما لا يقدر على حسابه حاصر وحاسب ، وهذا حض على الهجرة. وهذا وعد من الله تبارك وتعالى على الصبر على المكاره ، والخروج عن الوطن ، ونصرة الدين ، وجميع الطاعات ، ومفاد الوعد أن الأجر يوفّى بغير حساب ، أي بغير حصر ولا عدّ ، بل جزافا ، وهذه استعارة للكثرة التي لا تحصى ، وهذا رأي جمهور المفسرين. يروى أن هذه الآية نزلت في جعفر بن أبي طالب وأصحابه حين عزموا على الهجرة إلى أرض الحبشة.
ثم أمر الله تعالى بعد الأمر بالتقوى بالإخلاص في العبادة والطاعة ، فقل أيها النبي : إنما أمرت أن أعبد الله وحده ، بإخلاص خال من الشرك والرياء وغير ذلك ، وأمرت بأن أكون أول المسلمين المنقادين لله الخاضعين له ، من هذه الأمة ، في مخالفة دين الآباء الوثنيين.
وقل للمشركين الوثنيين : إني أخشى إن عصيت ربي بترك التقوى وإخلاص العبادة
__________________
(١) الغرفة : الحجرة.
(٢) وعد الله : منصوب على المصدر تقديره : وعدكم الله وعدا.