خير هو من قدر الله أتاكم به ، وهو مكتوب عند الله ، والله يجازيكم على ذلك ، فهو إن شاء رزقكم ، وإن شاء حرمكم ، وهو مقدر مكتوب عند الله ، ويجازيكم الله على ذلك ، بل إنكم قوم تختبرون بالطاعة والمعصية ، حين أرسلني الله إليكم.
أما طغاة ثمود ورؤوسهم وفساد مدينتهم ، فكان في مدينة ثمود تسعة نفر ، تغالوا في الفساد الذي لا صلاح فيه ، دعوا قومهم إلى الضلال والكفر وتكذيب صالح ، وتواطؤوا على عقر الناقة وعلى قتل صالح ومن آمن به.
فقال بعضهم لبعض : احلفوا أو أقسموا أننا لنباغتنّه وأهله الذين آمنوا معه ليلا ، فنقتلنّهم ، ثم نقول لأوليائه وأقاربه في الدّم أو القصاص : ما حضرنا مهلكهم أو هلاكهم ، ولا ندري من قتلهم ، وإنا لصادقون في قولنا ، بأننا لم نحضر هلاك أحد الفريقين : صالح وأهله ، وإن فعلوا الأمرين معا. ولكن الله أحبط مؤامرتهم وجعل الدائرة عليهم ، فإنهم دبّروا مؤامرة ، أي مكيدة وخديعة ، ولكن الله مكر بهم ، أي جازاهم وعاقبهم وأهلكهم ، فانظر أيها الرسول وكل منصف كيف كان مصير تآمرهم : أنا أهلكناهم وقومهم جميعا. وقد سمى الله تعالى عقوبتهم باسم ذنبهم وهو مكرهم على سبيل المشاكلة أو المشابهة لفعلهم.
وكان من آثار تعذيبهم أن أصبحت مساكنهم خالية بسبب ظلمهم أنفسهم ، إن في هذا العقاب الدنيوي المدمر لعبرة وعظة لأناس أهل معرفة وعلم ، يعلمون سنّة الله في خلقه ، وبأن النتائج مترتبة على الأسباب. إن تخريب بيوتهم الذي أخبر الله به : هو قانون كل الشرائع أن الله إنما يعاقب الظلمة. جاء في التوراة : «ابن آدم ، لا تظلم ، يخرّب بيتك».
وفي مقابل إهلاك الظالمين للعبرة ، نجى الله من العذاب صالحا عليهالسلام ومن