بهم في الطريق ذاته الذي سلكه بنو إسرائيل في وسط البحر. ثم عدد الله نعمه الكثيرة على بني إسرائيل وذكر هنا ثلاث نعم كبري وهي :
١ ـ قلنا : يا بني إسرائيل ، قد أنجيناكم من عدوكم فرعون الذي كان يذبّح أبناءكم ، ويستحيي نساءكم ، وأقررنا أعينكم حين أغرقت أعداءكم ، وأنتم تنظرون إليهم ، فإنهم غرقوا في صبيحة واحدة ، لم ينج منهم أحد ، كما جاء في آية أخرى : (وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) [البقرة : ٢ / ٥٠].
٢ ـ وجعلنا لكم ميقاتا وهو جانب جبل الطور الأيمن في سيناء لتكليم موسى بحضرتكم ، وإنزال التوراة ذات الشريعة المفصلة ، وأنتم تسمعون الكلام الذي يخاطبه به رب العزة. قال المفسرون : ليس للجبل يمين ولا يسار ، بل المراد أن طور سيناء عن يمين من انطلق من مدين إلى مصر.
٣ ـ ونزلنا تنزيلا عليكم المن والسلوى ، وأنتم في التيه. أما المن : فهو حلوى كانت تنزل عليهم من الندى من السماء ، من الفجر إلى طلوع الشمس ، على الحجارة وورق الشجر ، وأما السلوى : فهو طائر السّماني الذي تسوقه ريح الجنوب ، فيأخذ كل واحد منكم ما يكفيه.
وقلنا لكم : تنعموا بالأكل من تلك الطيبات المستلذات من الأطعمة الحلال ، ولا تتجاوزوا ما هو جائز إلى ما لا يجوز ، ولا تجحدوا نعمة الله فتكونوا طاغين ، فينزل بكم غضبي وعقوبتي. ومن ينزل به غضبي فقد شقي وهلك. وإني لغفار وستّار لمن تاب من الذنوب ، وآمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، ولمن عمل عملا صالحا أمر به الشرع وحسّنه ، ثم اهتدى واستمر في منهجه ، واستقام على ذلك الطريق حتى يموت. والمطلوب هو الاستمرار على منهج الحق والاستقامة ؛ لأن المهتدي في الحال لا يكفيه للنجاة حتى يستمر عليه في المستقبل. فقوله تعالى بعد الإيمان