رد الله تعالى على هذا التساؤل ، وأثبت بالدليل إمكان الإعادة فقال : (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً). أي ألا يتفكر هذا الجاحد في أول خلقه ومبدئه ، فقد خلقناه من العدم ، دون أن يكون شيئا موجودا ، فيستدل بالابتداء على الإعادة ، والابتداء أعجب وأغرب من الإعادة.
ثم هدد الله منكري البعث تهديدا من وجوه قائلا :
(فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا). أي فو الله ـ وهو قسم من الله بذاته الكريمة ـ لا بد من أن يحشر الله جميع الإنس والجن والشياطين الذين كانوا يعبدون من دون الله ، بأن يخرجهم ربهم من قبورهم أحياء ، ويجمعهم إلى المحشر مع شياطينهم الذين أغووهم وأضلوهم ، ثم ليحضرنهم حول جهنم بعد طول الوقوف ، جاثمين قاعدين على الرّكب ، لما يصيبهم من هول الموقف وروعة الحساب ، كما قال الله تعالى : (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً) [الجاثية : ٤٥ / ٢٨].
ـ ثم لننتزعن ونأخذن من كل فرقة دينية ، أو طائفة غي وفساد أعصاهم وأعتاهم ، وأكثرهم تكبرا وتجاوزا لحدود الله ، وهم قادتهم ورؤساؤهم في الشر. ثم لنحن أي (والله) أعلم بمن يستحق من العباد إصلاءه نار جهنم ، وولوجه فيها ، وتخليده في أنحائها ، وأعلم بمن يستحق مضاعفة العذاب ، كما قال سبحانه : (لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف : ٧ / ٣٨].
ثم أخبر الله تعالى عن نبأ عام : وهو ورود جميع الناس نار جهنم فقال : ما منكم من أحد من الناس إلا سوف يرد إلى النار ، وهو المرور على الصراط ، وهو حد فاصل بين الجنة والنار ، كان ذلك المرور أمرا محتوما ، قضى الله تعالى أنه لا بد من وقوعه لا محالة.
روى ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : «يرد الناس جميعا الصراط ، وورودهم :