وكان لا بد أن
يكون ذلك السلوك والعمل ، وتلك العبادة منسجمة مع طبيعة الهدف الذي يسعى إليه
الإنسان ، وهو أن يحقق هذا الإنسان ذاته ، ويستجمع خصائصه ومزاياه الإنسانية ،
ويقيم حالة من التوازن فيما بين تلك الخصائص والمزايا ، ليحقق من خلال ذلك
انسجامها مع ذلك الهدف ، وتناغمها معه بصورة إيجابية وبنّاءة ودافعة للحركة
الصحيحة باتجاهه ، ومن ثم باتجاه مواقع الزلفى والقرب من الله سبحانه وتعالى.
وبعبارة
أخرى : إن الإنسان
إنما يسعد بإنسانيته ، وباقامة حالة من التوازن بين كل خصائصه ومزاياه وطاقاته
بجميع تنوعاتها ، لأن حالة التوازن هذه هي التي تعطيه السّلام والطمأنينة في ظل
الرضى ، والرعاية الإلهية. وأي خلل واهتزاز في حالة التوازن هذه ـ بسبب اقتراف
معصية ، أو بسبب تربية خاطئة ـ سيؤدي إلى اهتزاز هذا السّلام النفسي وتقويضه ،
وسينعكس سلبا على درجة القرب من الله سبحانه. قال تعالى : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ
الْقُلُوبُ) .
ومن
الواضح : أن إقامة حالة
التوازن هذه ، وسعادة الإنسان بإنسانيته ، ثم السعي نحو الله سبحانه لنيل درجات
القرب
__________________