ومن هنا تأتي الشبهة في هذا المصحف الذي بين أيدينا ، إذ لا يشك مسلم في أعلميّة الإمام عليهالسلام بالكتاب ودرايته بحقائقه وأسراره ودقائقه.
ولكنّ هذه الشبهة تندفع ـ بعد التسليم بصحّة هذه الأخبار ـ بما ذكره جماعة من أنّ القرآن الكريم كان مجموعا على عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم يكن في عهده مبثوثا متفرقا هنا وهناك حتى يحتاج إلى جمع ، ويؤيد ذلك أنّ غاية ما تدلّ عليه هذه الأحاديث هو المخالفة بين المصحفين إجمالا ، وهي كما يحتمل أن تكون بالزيادة والنقصان في أصل الآيات والسور المنزلة ، كذلك يحتمل أن تكون :
أولا : بالاختلاف في الترتيب والتأليف ، كما يدلّ عليه الحديث في (الإرشاد) و (روضة الواعظين) وذهب إليه جماعة ، فقد قال السيد الطباطبائي : «إنّ جمعه عليهالسلام القرآن وحمله إليهم وعرضه عليهم لا يدلّ على مخالفة ما جمعه لما جمعوه في شيء من الحقائق الدينيّة الأصليّة أو الفرعية ، إلّا أن يكون في شيء من ترتيب السور أو الآيات من السور التي نزل نجوما ، بحيث لا يرجع إلى مخالفة في بعض الحقائق الدينيّة.
ولو كان كذلك لعارضهم بالاحتجاج ودافع فيه ولم يقنع بمجرد إعراضهم عمّا جمعه واستغنائهم عنه ، كما روي عنه عليهالسلام في موارد شتى ، ولم ينقل عنه عليهالسلام فيما روي من احتجاجاته أنّه قرأ في أمر ولايته ولا غيرها آية أو سورة تدلّ على ذلك ، وجبّههم على إسقاطها أو تحريفها» (١).
وثانيا : بالاختلاف بالزيادة والنقصان من جهة الأحاديث القدسيّة ، بأن يكون مصحف الإمام عليهالسلام مشتملا عليها ، ومصحفهم خاليا عنها ، كما
__________________
(١) الميزان ١٢ : ١١٩.