يقتضي الطعن في القرآن الذي نقل بالتواتر ، ويقتضي صحّة القرآن الذي لم ينقل بالتواتر ، وفتح هذين البابين يطرق الشكّ في كل القرآن ، وأنّه باطل» (١).
وقال النيسابوري : «روي عن عثمان وعائشة أنّهما قالا : إنّ في المصحف لحنا وستقيمه العرب بألسنتها ، ولا يخفى ركاكة هذا القول ، لأنّ هذا المصحف منقول بالتواتر عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فكيف يمكن ثبوت اللحن فيه؟!» (٢).
وقال ابن كثير في (... حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا ...) بعد نقل قول ابن عبّاس : «وهذا غريب جدّا عن ابن عبّاس» (٣).
وقال الخازن في (... وَالْمُقِيمِينَ ...) : «اختلف العلماء في وجه نصبه ، فحكي عن عائشة وأبان بن عثمان : أنّه غلط من الكتّاب ، ينبغي أن تكتب : والمقيمون الصلاة. وقال عثمان بن عفّان : إنّ في المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتهم ، فقيل له : أفلا تغيّره؟! فقال : دعوه ، فإنّه لا يحلّ حراما ولا يحرّم حلالا. وذهب عامّة الصحابة وسائر العلماء من بعدهم إلى أنّه لفظ صحيح ليس فيه خطأ من كاتب ولا غيره.
واجيب عمّا روي عن عثمان بن عفّان وعن عائشة وأبان بن عثمان : بأنّ هذا بعيدا جدّا ، لأنّ الّذين جمعوا القرآن هم أهل اللغة والفصاحة والقدوة على ذلك ، فكيف يتركون في كتاب الله لحنا يصلحه غيرهم ، فلا ينبغي أن ينسب هذا لهم ، قال ابن الأنباري : ما روي عن عثمان لا يصحّ لأنّه غير متّصل ، ومحال أن يؤخّر
__________________
(١) التفسير الكبير ٢٣ : ١٩٦.
(٢) تفسير النيسابوري ٦ / ٢٣ هامش الطبري.
(٣) تفسير ابن كثير ٣ : ٢٨٠.