ونقل القرطبي عن علي بن أبي طالب وزيد بن اسلم وشهر بن حوشب وابن زيد : هذا خطاب لولاة المسلمين خاصة وقال ابن جريج وغيره : ذلك خطاب للنبي (صلىاللهعليهوآله) خاصة في أمر مفتاح الكعبة (١).
وبعد أن عرض أقوال العلماء في الآية وفي سبب نزولها خلص القرطبي إلى القول : والأظهر في الآية إنها عامة في جميع الناس فهي تتناول الولاة فيما إليهم من الأمانات في قسمة الأموال ورد الظلامات والعدل في الحكومات ... وتتناول من دونهم من الناس في حفظ الودائع والتحرز في الشهادات ونحوه ، والصلاة والزكاة وسائر العبادات أمانة الله تعالى (٢).
وهو اختيار الرازي حيث قال : أمر المؤمنين في هذه الآية بأداء الأمانات في جميع الأمور ، سواء كانت تلك الأمور من باب المذاهب والديانات ، أو من باب الدنيا والمعاملات (٣).
وهو المروي عن أبي بن كعب وابن مسعود والبراء بن عازب والحسن وقتادة (٤).
وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية : وهو يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله (عزوجل) على عباده من الصلاة والزكاة والصيام والكفارات والنذور وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد ومن حقوق العباد بعضهم على بعض وغير ذلك مما يأتمنون به من غير اطلاع بينه على ذلك فأمر الله (عزوجل) بأدائها ، فمن فعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة (٥).
وعند استعراضا لما كتبه المفسرون المحدثون تبين لنا أن النص التفسيري الذي اختاره الإمام الباقر (عليهالسلام) كان هو اختيار بعض الصحابة من قبله وبعض المفسرين من بعده في أن الآية تتناول جميع أنواع الأمانات من حقوق إلهية وحقوق فردية
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٥ / ٢٥٥ ـ ٢٥٦.
(٢) المصدر نفسه ، ٥ / ٢٥٦.
(٣) التفسير الكبير ، الرازي ، ١٠ / ١٣٧.
(٤) ظ : مجمع البيان ، الطبرسي ، ٦ / ٢٨٩+ الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٥ / ٢٥٦.
(٥) تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير ، ٢ / ٣٢٠.