إن الإمام الباقر استنادا إلى آية ثم نظائرها اشتق وانتزع صفات من يرمي المحصنات ، مكتشفا أنه ليس مؤمنا بآية وهو فاسق بآية أخرى وهو من أولياء ابليس بثالثة وهو ملعون بآية رابعة ، وبذلك يتبين أن الإمام قد أسهم في إرساء أصول تفسير القرآن بالقرآن بجمع النظائر إلى بعضها للوصول إلى إكمال التصور القرآني الشامل حول موضوع واحد.
١٠ ـ روى علي بن إبراهيم القمي بسنده عن زرارة وحمران أن الإمام الباقر قال في تفسير قوله تعالى : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ)(١) ، قال : ذكر الله لأهل الصلاة أكبر من ذكرهم إياه ، ألا ترى أنه يقول : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)(٢)(٣).
من هذه الشواهد المجتزئة مما أحصيناه يتبين أنّ الإمام الباقر قد وكد القوانين التفسيرية الآتية :
أ ـ إن الأصل الأول في تفسير القرآن بالقرآن يعتمد في الرجوع إلى آياته ذاتها.
ب ـ يجب جمع الآيات القرآنية إلى نظائرها وضم بعضها إلى بعض حتى يتوصل إلى فهم دقيق للمراد القرآني.
ج ـ إذا أردنا الحصول على تصور قرآني شامل لموضوع معين يجب مراعاة التصور القرآني أولا وبعدها ضم المعاني القرآنية المشتملة على افراد الموضوع الواحد بعضها إلى بعض.
د ـ السير وفق هذا المنهج لهو أعلى يقينية من الموارد الاخرى.
وبذلك يكون الإمام الباقر قد شارك في وضع مجموعة من القواعد والتي كونت مع غيرها من الموارد أصولا للتفسير ، سار عليها المتأخرون بعده ممن فسروا القرآن الكريم في الرجوع إلى القرآن ذاته.
__________________
(١) العنكبوت / ٤٥.
(٢) البقرة / ١٥٢.
(٣) تفسير القرآن ، القمي ٢ / ١٤٧+ الصافي في تفسير القرآن ، الفيض الكاشاني ٢ / ٢٨٩ ..