وجبايتها من المسلمين إلى كونها المكلّف الفعلي لتنفيذ الأحكام الشرعية المتعلقة بالأموال ؛ وذلك لما لها من حق السيادة على رعاياها أولا ، وإلى كونها المكلف الفعلي لضمان تطبيق أحكام الشرع في تطبيق مبادئ التكافل والضمان الاجتماعي في المجتمع الإسلامي ثانيا.
ومن هنا فإنّنا نرى أنّ التشريع أو الفكر المالي الإسلامي أصّل عدّة نظريات ، ومبرّرات يستند إليها في فرضية الزكاة ، وهذه النظريات نوجزها في أربع هي :
أولا : نظرية الاستخلاف ـ ومنشأ هذه النظرية أساسه : أنّ المال لله وحده ؛ والإنسان مستخلف فيه ، وعليه أن يقوم بأعباء الخلافة من تصرف وإنفاق وغيره ، وهذا مصداق قوله تعالى : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) النجم آية ٣١.
وقوله تعالى : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى) سورة طه آية ٦.
وقوله تعالى : (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) سورة الحديد آية ٧.
وقوله تعالى : (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) سورة النور آية ٣٣.
وقوله تعالى : (أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ) سورة البقرة آية ٢٥٤.
فكلّ ما في الكون ملك لله تعالى حتى الذرة في السموات والأرض وما بينهما. وما المال في يد الإنسان إلّا نعمة من نعم الله ، وفضل منه على عبده. والله تعالى استخلفه على ما رزقه ، والإنسان مؤتمن على ما استخلف عليه ، وعليه أن يحسن الخلافة ؛ فلا يتصرف بمال الله إلّا بأوامر الله وتشريعه. فالإنسان المستخلف على مال الله يجمعه ، وينفقه ، ويتصرف به حسب شرع الله ، فينمّيه ، ويزكّيه كما أمر الله.