وإنّما تخضع لقاعدة : «لا مساغ للاجتهاد في مورد النص».
وكلّ هذا بخلاف الضريبة ، والتي تبعا لكونها فريضة وضعية ، اقتضت فرضيتها مسايرة الظروف ، والأحوال ، ممّا جعل ثباتها ينتفي مع تغيّر تلك الظروف والأحوال ، ممّا يسبغ عليها صفة التقنين في التعديل والإلغاء تبعا لأهواء السلطة أو الحزب الحاكم ، وتحت شعار الديمقراطية الزائف.
فالضريبة على خلاف الزكاة ، فهي تكليف زماني تتحدّد أحكامها تبعا لمشيئة الوضع الحكومي. وأمّا الزكاة فهي تكليف إلهي يبقى في منأى عن مشيئة الوضع ، أو هوى الحاكم ، أو متطلبات الظروف والأحوال. وهي إلهية في وجوبها ، ووقتها ، ومقاديرها ، وأنصبتها ، وأوعيتها ، وإعفاءاتها ، وشروطها ، وبقية أحكامها ؛ تتصف بصفة الديمومة ، والثبات ، والاستمرارية ، والاستقرار.
المفهوم الخامس :
تحديد سبل الإنفاق : فالزكاة محدّدة أوجه مصارفها في الإنفاق من قبل القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، والإجماع. مصداق قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) سورة التوبة آية ٦٠.
ومن أجل هذا تخصص لمصارف الزكاة ميزانية خاصة مستقلة عن الميزانية العامة للدولة تنفق حصائلها في مصارفها كما هي محدّدة في القرآن الكريم دون تعد أو تحد.
وهذا كله على خلاف الضريبة ، فمصارفها غير محدّدة ، وتحكم فرضيتها المشاركة في تحمّل الأعباء العامة ، وتغطية أوجه الإنفاق العام المحدّد ، والمرسوم.