نؤكد ثانية : إن عدم ذكر القرآن للدولة كركن أو أصل من أصول الدين ، لا
يعني أبدا انقطاع أو انتفاء العلاقة بينهما ؛ ولا ينفي ضرورتها وحتميتها.
ولنا أن نستأنس
في هذا بقول حجة الإسلام الغزالي : «ومع اتفاق علماء الإسلام على ضرورة الدولة ،
ووجوبها ، فإنهم قد اتفقوا ـ خلا الشيعة الإمامية ـ على أنها من الفروع ، وليست من
أصول العقائد ، ولا من أركان الدين فهي واجب مدني اقتضاه الواجب الديني المشتمل
على تحقيق الخير للإنسان في هذه الحياة» .
ثالثا : إنّ
الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» أقام الدولة الإسلامية الأولى ، وجعل دستورها القرآن ،
ونظامها الإسلام. وهذا يفند الزعم بفصل القرآن عن الدولة.
وبذلك فإن
إقامة السنة النبوية العملية لأوّل دولة سياسية تحكم بشريعة القرآن يدحض القول :
بوجوب فصل القرآن عن الدولة ، أو الدين عن الدولة.
ويرد كيد
العلمانيين ، وأسيادهم الحاقدين على كل ما هو إسلام ، أو قرآن ، وهم قد فقدوا كل
حجة في زعمهم أن الإسلام دين روحي ، وأن القرآن كتاب ديني ، وليس حياتيا ، وأن
منهجه فقط منهج تعبد ، وليس منهج دولة ، أو سياسة.
فالرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» أقام الدولة ، وأسس بنيانها على عقد شرعي ، وجعل
دستورها القرآن ؛ ومنهجها أحكام الحلال ، والحرام ؛ ونظامها الإسلام. وهو بذلك
أقام كيانا سياسيا ، ودولة جديدة اكتملت معالمها ، وأركان
__________________