المغيرة ينفي عن الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» الكذب ، والكهانة ، والشعر ، والشعوذة ، وفي نفس الوقت
يثبت له السحر ، ويثبت للقرآن صفات السحر ، وفي نفس الوقت ينفي عنه قول البشر.
روى الواحدي
النيسابوري ، والحاكم ، والمفسرون عن ابن عباس ، ومجاهد وغيرهم قالوا : مرّ الوليد
بالنبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، وهو يصلي ، ويقرأ القرآن ، فاستمع لقراءته ، وتأثر
بها. فانطلق الوليد حتى أتى مجلس قومه من بني مخزوم ، فقال : والله ، لقد سمعت من
محمد آنفا كلاما ، ما هو من كلام الإنس ، ولا من كلام الجن. والله ، إنّ له لحلاوة
، وإنّ عليه لطلاوة ، وإنّ أعلاه لمثمر ، وإنّ أسفله لمغدق ، وإنّه ليعلو ، وما
يعلى عليه. ثمّ انصرف إلى منزله. فقالت قريش : لقد صبأ والله ، الوليد ، ولتصبأن
قريش كلها!! فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه. فانطلق حتى جلس إلى جانب الوليد حزينا.
فقال له الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي؟! فقال : كيف لا أحزن ، وهذه قريش
تجمع لك مالا ، ليعينوك به على كبر سنك ، ويزعمون أنّك زينت كلام محمد ، وصبأت ؛
لتصيب من فضل طعامه ، وتنال من ماله!! فغضب الوليد ، وقال : ألم تعلم قريش أنّي من
أكثرهم مالا ، وولدا؟! وهل شبع محمد ، وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام؟!
ثمّ قام مع أبي جهل حتى أتى مجلس قومه ، فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون!! فهل
رأيتموه يخنق؟! قالوا : اللهم ، لا. قال : تزعمون أنّه كاهن! ، فهل رأيتموه تكهن
قط؟! قالوا : اللهم ، لا. قال : تزعمون أنّه شاعر!! فهل رأيتموه نطق بشعر قط؟!
قالوا : اللهم ، لا. قال : تزعمون أنّه كذاب!! فهل جربتم عليه كذبا قط؟! قالوا : اللهم
، لا. فقالت قريش للوليد : فما هو؟! ففكر في نفسه ثمّ قال : ما هو إلّا ساحر ، أما
رأيتموه يفرق بين الرجل ، وأهله ، وولده!! وما هذا الذي يقوله إلّا سحر يؤثر فذلك
قوله تعالى : (إِنَّهُ فَكَّرَ
وَقَدَّرَ) الآيات.
فالوليد بن
المغيرة ـ وهذه شيمة الكفار في عنادهم قديما ، وحديثا ـ يشهد أولا أنّ هذا القرآن
من غير كلام البشر ، وينفي عنه صفة البشرية ؛