بغير العربية في الصلاة في حالة العجز عن قراءتها بالعربية. ودليلهم في ذلك هو : أنّ القرآن اسم للمعاني الذي تدلّ عليها ألفاظه العربية ، والمعاني واحدة في جميع اللغات ، ولا تختلف باختلاف الألفاظ الدالة عليها. المهم ألّا يختل المعنى.
قال في «معراج الدراية» : «إنّما جوزنا القراءة بترجمة القرآن للعاجز إذا لم يخل بالمعنى ؛ لأنّه قرآن من وجه اعتبار اشتماله على المعنى. فالإتيان به أولى من الترك مطلقا ، إذ التكليف بحسب الوسع» (١).
وقد ورد : أن أبا حنيفة أجاز القراءة للقرآن في الصلاة بالفارسية. وأجاز بعض أصحابه قياسا على رأيه الصلاة باللغات الأخرى : كالترجمة ، والهندية ، وغيرها.
ونلخّص رأي المذهب الحنفي كما ورد في مجلة الأزهر الشريف بقلم أحد علمائهم الكبار : إنّ أئمة المذهب الحنفي أجمعوا على أنّه لا تجوز قراءة القرآن بغير العربية خارج الصلاة. ويمنع فاعل ذلك أشدّ المنع ؛ لأنّ قراءته بغيرها من قبيل التصرف في قراءة القرآن بما يخرجه عن إعجازه ، بل بما يوجب الركاكة. وأما القراءة في الصلاة بغير العربية فتحرم إجماعا للمعنى المتقدم. لكن لو فرض ، وقرأ المصلي بغير العربية أتصح صلاته أم تفسد؟!!. ذكر الحنفية في كتبهم : «أنّ الإمام أبا حنيفة كان يقول أولا : «إذا قرأ المصلي بغير العربية مع قدرته عليها اكتفي بتلك القراءة». ثمّ رجع عن ذلك ، وقال : «متى كان قادرا على العربية ، ففرضه قراءة النظم العربي ، ولو قرأ بغيرها ، فسدت صلاته ، لخلوها من القراءة مع قدرته عليها ، والإتيان بما هو من جنس كلام الناس حيث لم يكن المقروء قرآنا» (٢). ورواية رجوع الإمام هذه تعزى إلى الأقطاب في
__________________
(١) محمد الخضر حسين ، بلاغة القرآن. ومناع القطان مباحث في علوم القرآن. ص ٣١٨.
(٢) مجلة الأزهر الشريف ـ مجلد ٣ ـ ص ٣٢ ـ ٣٣ ـ ٦٦ ـ ٦٧. والزرقاني ـ مناهل العرفان. ج ٢ ص ١٦٣.