يكون الفعل حسنا ، ومرغوبا فيه ما دام مأمورا به من الله تعالى. وكذلك يكون هذا الفعل نفسه قبيحا ، غير مرغوب فيه عند الله تعالى ما دام منهيا عنه منه تعالى. والقائلون بالحسن ، والقبح العقليين هم المعتزلة. وهم يعترفون أن الحسن ، والقبح يختلفان باختلاف الأشخاص ، والأحوال والأوقات. وبهذا التأصيل ينتفي اجتماع الضدّين ؛ لأنّ الوقت الذي يكون فيه الفعل حسنا غير الوقت الذي يكون فيه ذلك الفعل قبيحا ، فلم يجتمع الحسن ، والقبح في فعل واحد ، وفي وقت واحد.
الشبهة الخامسة :
شبهة العنانية ، والشمعونية من يهود : وتتمثل شبهتهم في أن التوراة التي أنزلها الله تعالى على موسى (عليهالسلام) لم تنسخ ، وأنّها باقية. وهي منقولة إليهم بالتواتر ؛ ويستندون إلى نصوص في التوراة تفيد عدم النسخ ، ومنها : «هذه شريعة مؤبدة ما دامت السموات والأرض». ومنها أيضا : «الزموا يوم السبت أبدا» ويرون أن مثل هذه النصوص تعني امتناع النسخ ؛ لأن نسخ أحكام في التوراة : كتعظيم يوم السبت إبطال لما هو من عند الله تعالى ، وهذا متعذر.
تفنيد هذه الشبهة :
أولا : إن لفظ التأبيد لا يصلح دليلا يستند إليه اليهود في القول بعدم النسخ ؛ لأنّ التأبيد كثيرا ما يستعمله اليهود معدولا عن حقيقته. ومن ذلك ما جاء في البقرة التي أمروا بذبحها : «هذه سنة لكم أبدا».
وما جاء في القربان : «قربوا كل يوم خروفين قربانا دائما» وهذان الحكمان منسوخان باعتراف اليهود أنفسهم ، رغم التصريح بأنهما مؤبدان.
ثانيا : إنّ التواتر الذي نعتوه للتوراة لا يصلح دليلا يستند إليه في القول بعدم النسخ ؛ لأنّ التوراة غير منقولة بالتواتر ؛ وبشهادة ، واعتراف