مضافا إلى أنّ المراد بالنعم في الآية ، النعم المخصوصة ببني إسرائيل بقرينة «أنعمت عليكم» والنعم المخصوصة بهم متناهية بكثرتها منها : استنقذهم ممّا كانوا فيه من البلاء من فرعون وقومه ، وأبدلهم من ذلك بتمكينهم في الأرض وتخليصهم من العبوديّة كما قال تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) (١).
ومنها : جعلهم أنبياء وملوكا بعد أن كانوا عبيدا للقبط ، فأهلك أعدائهم وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم كما قال تعالى : (كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ) (٢).
ومنها : أنزل عليهم الكتب العظيمة التي ما أنزلها على أمّة سواهم كما قال عزّ من قائل : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) (٣).
روي عن ابن عبّاس أنّه قال : من نعمة الله على بني إسرائيل أن نجّاهم من آل فرعون ، وظلل عليهم الغمام ، وأنزل عليهم المنّ والسلوى في التيه ، وأعطاهم الحجر الذي كان كرأس الرجل يسقيهم ما شاءوا من الماء متى أرادوا ، فإذا استغنوا عن الماء رفعوه فاحتبس الماء عنهم ، وأعطاهم عمودا من النور ليضيء لهم بالليل ، وكان رؤوسهم لا تنشعث وثيابهم لا تبلى.
__________________
(١) القصص : ٦.
(٢) الشعراء : ٥٩.
(٣) المائدة : ٢٠.