أقول : ومرجعه إلى كون الأمر امتحانيا محضا غير مشتمل على التكليف أصلا ولو في صورة الاشتراط ، والفرق واضح بينه وبين الأمر المشروط ولو مع علم الآمر والمأمور بانتفاء الشرط وذلك لأن مطلوبيّة الفعل ومحبوبيّته حاصل في الأمر المشروط على فرض حصول الشرط ، وان كان عالما بانتفائه بخلاف الأمر التوطيني الّذي هو بمجرّد الامتحان او غيره من المصالح الخارجة الّتي لا تعلّق لها بالمأمور به ، بل المقصود حاصل بنفس الأمر.
فان قلت : إنّه لا سبيل في المقام إلى شيء من الوجهين لعلم كلّ من الآمر والمأمور بانتفاء الشرط بالنّسبة إلى جميع المكلّفين في جميع أزمنة الامتثال فيلغوا الاشتراط وينتفي فائدة الامتحان والابتلاء على أنّ السيّد رضى الله عنه وان جوّز الوجهين في المقام إلّا أنّ مذهبه في الأصول على خلاف ذلك فانّه قد صرّح بانّ الشروط إنّما يحسن فيمن لا يعلم العواقب ولا طريق له إلى علمها ، فأمّا العالم بالعواقب وبأحوال المكلّف فلا يجوز أن يأمره بشرط إلى أخر ما ذكره رحمهالله فكيف التوفيق.
قلت : التّحقيق على ما قرّر في محلّه هو جواز الأمر المشروط مع علم الآمر والمأمور بانتفاء الشرط إذا كان هناك فائدة للتّعليق ، ولا وجه للقول بعدم الجواز حينئذ ، إذ قصارى ما يستدلّ به لذلك بعد وضوح عدم كونه تكليفا بالمحال لقضيّة الاشتراط وانتفاء الموضوع أنّ فعله عبث قبيح فيستحيل صدوره من الحكيم ، إذ المفروض اتّحاد الأحوال وعدم حصول القدرة على الشرط وعلم المأمور بذلك فلا يتأتّى منه التّوطين والعزم على الفعل مضافا إلى أنّ الأمر المشروط لا بدّ فيه من اعتبار الطّلب وتعلّقه بالفعل ولو معلّقا على الشرط وهو محال على الحكيم العالم