بطاعتهم كما أشار الحسين عليهالسلام في الخبر المذكور في ترجمة عبد الله بن شدّاد (١) حين عاده ، وهو مريض فهربت الحمّى عن عبد الله ، فقال له : قد رضيت بما أوتيتم حقّا حقّا ، والحمّى لتهرب منكم ، فقال : والله ما خلق الله شيئا إلّا وقد أمره بالطاعة لنا يا كناسه (يا كباسة) ، قال : فإذا نحن نسمع الصوت ولا نرى الشخص يقول : لبّيك ، قال : أليس أمير المؤمنين عليهالسلام أمرك ألا تقربي إلّا عدوّا أو مذنبا لكي تكون كفّارة لذنوبه فما بال هذا؟ (٢) الخبر.
فإنّه لا مانع من القول به بهذا المعنى ، سيما بعد دلالة كثير من الأخبار عليه ، بل وثبوته بالنسبة الى الملائكة الذين هم خدّام اهل البيت المخلوقين من أنوارهم ، إذ منهم الموكّل بالسحاب ، وبالبحار ، وتصريف الرياح ، والخلق ، والرزق ، والإحياء والاماتة ، ومنهم المدبّرات ، كلّ ذلك على وجه لا يلزم منه الغلوّ والتفويض بالنسبة إليهم والى الملائكة أيضا ، والحاصل أنّ هذا المعنى لم يتضح الحكم بكفر قائله فإن اتّضح لك من التأمّل في الآيات والأخبار صحة القول به فالحقّ أحقّ بالاتّباع ، وإلّا فعليك التسليم وردّ العلم إلى أهله ولا حول ولا قوّة إلّا بالله ، وكذا الكلام في ساير المعاني للتفويض إليهم عليهمالسلام كالتفويض إليهم في امر الدين ، لا بمعنى أن يفوّض إليهم عموما أن يحلّوا ما شاءوا ، ويحرّموا ما شاءوا من غير وحي وإلهام ، أو يغيّروا بآرائهم ما اوحي إليهم ، فإنّه باطل قطعا ، بل بمعنى أنّه تعالى لمّا أكملهم بحيث كانوا لا يختارون من الأمور شيئا إلّا ما يوافق الحقّ والصواب ، وجعل قلوبهم أوعية لمشيّة في كلّ باب فوّض إليهم تعيين بعض الأمور كالزيادة في الصلاة ، وتعيين
__________________
(١) هو عبد الله بن شدّاد بن هاد الليثي الكوفي من اصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام بل عدّ من خواصّ أصحابه كما في معجم رجال الحديث ج ١٠ ص ٢١٧ الرقم ٦٩١٨.
(٢) معجم رجال الحديث ج ١٠ ص ٢١٧ الرقم ٦٩١٨.