جميعهم من لم يدخله شكّ في ربّه أو نبيّه فضلا عن إنكاره لهما بقلبه.
نعم لو كان المنكر بعيدا من بلاد الإسلام بحيث يمكن في حقّه خفاء الضرورة لم يحكم بكفره بمجرّد ذلك.
والحاصل أنّه متى كان الحكم المنكر في حدّ ذاته ضروريّا من ضروريّات ثبت الكفر بإنكاره ممّن اطّلع على ضروريته من أهل الدين ، سواء كان ذلك الإنكار لسانا خاصّة عنادا ، أو لسانا وجنانا.
ومنه يظهر الفرق حينئذ بين الضروري وغيره من القطعي كالمجمع عليه ونحوه ، فإنّه لا يثبت الكفر بالثاني إلّا مع حصول العلم ثمّ الإنكار ، بخلافه في الضروري فيثبت وان لم يكن إنكاره كذلك (١).
أقول : أما استظهاره من إطلاق الفتاوى والأخبار فقد سمعت الكلام فيه ، وما ذكروه في الضابط اقتصارا أو عطفا لا شاهد فيه أصلا ، مع ظهور الجحود في الإنكار عن علم ، سيّما مع تقييد كثير منهم بما سمعت من دون نكير.
ثمّ إنّ تحقيق الشبهة لمنكري الضروري إن كان لشبهة في الدين فالأمر واضح ، وإن كان للشكّ في كون الحكم من صاحب الشريعة ، وإن تلقّاه أهل الدين بالقبول وأرسلوه إرسال المسلّمات بل الضروريّة ، لكنّه لم يظهر ذلك لصاحب الشبهة ولو من جهة قضاء الضرورة لشبهة عرضت في أصل الاستناد والصدور ، بحيث لو ثبت له بشيء من الأدلّة كونه من صاحب الدين لأقرّ به ولم يجحده قلبا ولسانا فالحكم بتحقق الكفر بمجرّده مشكل جدّا ، ولذا حكم من البعيد الّذي يمكن في حقّه خفاء الضرورة.
وأمّا من اطّلع على ضروريته فلا يتصوّر في حقّه طروّ الشكّ والشبهة فيه مع
__________________
(١) الجواهر ج ٦ ص ٤٨ ـ ٤٩.