وقيل : إنّه العلم بالحقّ مع العلم بأنّه لا يكون غيره ، وعليه ينزّل ما يحكى عن المحقّق الطوسي من أنّه مركّب من علمين ، وهو كما ترى.
ويطلق بمعنى الصدق ، ومطلق العلم ، وخصوص ما يوجب سكون النفس من القلق والاضطراب ، ويظهر آثاره العمليّة على الجوارح والأعضاء.
ومعناه في المقام : يعلمون علما يزول معه الشكّ بالدار الآخرة ، وما فيها من الوعد ، والوعيد.
ففيه مع إسناد الفعل إلى «هم» تعريض على أهل الكتاب الذين قالوا : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) ، وأنّ الجنّة لن يدخلها (إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) ، إلى غير ذلك ممّا اعتقدوا فيه الخلاف ، او وقع بينهم فيه الاختلاف.
ولا يخفى أنّ اليقين وإن كان مرغوبا إليه في جميع موارد الإيمان إلّا أنّ تخصيص الآخرة بالذكر في المقام لكونه أساسا لغيره من شرايع الإسلام ، فإنّ الإيمان اليقيني بالآخرة وأهوالها يؤدّي الى الّزهد الحقيقي في الدنيا ، ولذا ورد الحثّ على الإكثار من ذكر الموت وغيره من شدائدها.
ففي الكافي وتفسير القمي وغيرهما عن مولينا الباقر عليهالسلام يا أبا عبيدة أكثر ذكر الموت فإنّه لم يكثر ذكره إنسان إلّا زهد في الدنيا (١).
وعنه ، عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : الموت ، ولا بدّ من الموت ... إلى أن قال : إذا استحقّت ولاية الله والسعادة جاء الأجل بين العينين وذهب الأمل وراء الظهر ، وإذا استحقّت ولاية الشيطان والشقاوة جاء الأمل بين العينين وذهب الأجل وراء الظهر (٢).
__________________
(١) الكافي ج ٢ ص ١٣١ ح ١٣ ، وج ٣ ص ٢٥٥ ح ١٨.
(٢) أمالي الطوسي ص ٢٥٨ ح ٢٧.