فإن القرآن نزل على حدّ إيّاك أعنى واسمعي يا جاره ، ومن هنا يظهر أنّه يمكن الاستدلال بهذه الآية على أنّ النبي صلىاللهعليهوآله والأئمّة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين وسائط الخلق إلى الله سبحانه وأنّهم الأبواب والحجاب والنواب ، سيّما بعد ما سمعت أنّ ولايتهم هو الصراط المستقيم الذي نجى به من نجى وهلك من هلك ، فبهم تمّت الكلمة ، وعظمت النعمة ، وهم السبيل الأعظم إلى الله ، والصراط الأقوم إليه ، وشهداء دار الفناء ، فلا يغيب منهم عمل عامل من حق أو باطل ، وشفعاء دار البقاء فيشفعون لمن ارتضى الله دينه بولايتهم ، ومحبّتهم والانقطاع إليهم ، والأخذ منهم والعمل بمقتضيات ولايتهم.
والآية وإن لم يكن فيها تصريح بالتّعيين فضلا عن الحصر إلّا أنّه يتمّ ذلك بضميمة الأخبار المستفيضة المتقدمة المصرّحة بكونهم الصراط المستقيم ، مضافا إلى ما سمعت من الإشارة إلى ذلك في آيات كثيرة يقطع الناظر فيها سيّما بعد التأمّل فيما ورد في تفاسيرها من الطريقين لو كان من أهل الشك والارتياب.
أمّا المؤالف المؤتمن فضلا عن المؤمن الممتحن فلعلّه لا يستريب في وساطتهم المحقّقة وبابيّتهم المطلقة في جميع الفيوض التكوينيّة والتشريعيّة على وجه لا يوجب الإلحاد ولا التعطيل حسب ما أشرنا إليه ، كما أنّه يستفاد من الآية أيضا مضافا إلى ما استفيد من الآية المتقدّمة حسب ما أشرنا اليه تقرير الأمر بين الأمرين على أتمّ الوجوه وأبلغها بالنسبة إلى المنعم عليهم الّذين هم قادة الأمم وأولياء النعم ، نظرا إلى أنّه سبحانه أضاف الصراط إليهم أوّلا نفيا لتوهّم الجبر وأضاف النعمة إليه سبحانه ، ثانيا دفعا لشوب التفويض الّذى توهمته الغلاة أو المفوضة إليهم أو إلى أنفسهم ، ولذا أضاف إلى نفسه وإلى خلقه معا الصراط كما في هذه الآية ،