(وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (١) ، وبقوله : (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها) (٢) ، والبيوت هي بيوت العلم الذي استودعته الأنبياء ، وأبوابها أوصيائهم ، فكل عمل من أعمال الخير يجري على غير أيدي الأوصياء ، وعهودهم ، وحدودهم ، وشرائعهم ، وسننهم ، ومعالم دينهم مردود غير مقبول ، وأهله بمحل كفر ، وإن شملهم صفة الإيمان الى أن قال عليهالسلام بعد تأويل كثير من المتشابهات ، وبيان غفير من المجملات : وإنما جعل الله في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره وغير أنبيائه وحججه في أرضه لعلمه بما يحدثه المبدلّون ، وتلبيسهم على الأمة فأثبت فيه رموزا وجعل أهل الكتاب المقيمين به العالمين بظاهره ، وباطنه من شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، أي يظهر مثل هذا العالم لمحتمليه في الوقت بعد الوقت ، الى أن قال عليهالسلام : ثم إنّ الله تعالى لسعة رحمته ورأفته بخلقه قسّم كلامه ثلاثة أقسام : فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل ، وقسما لا يعرفه إلّا من صفي ذهنه ، ولطف حسه ، وصح تمييزه ممّن شرح الله صدره للإسلام ، وقسما لا يعرفه إلّا الله وأمناؤه الراسخون في العلم ، وإنما فعل الله ذلك لئلّا يدّعي أهل الباطل من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم وليقودهم الاضطرار الى الائتمار لمن ولّاه أمرهم الخبر (٣). بل فيه بطوله شواهد آخر على ما قدّمناه.
وروى البرقي في «المحاسن» عن الصادق عليهالسلام في رسالته قال عليهالسلام : فأمّا ما سألت عن القرآن فذلك أيضا من خطراتك المتفاوتة المختلفة ، لأنّ القرآن ليس على ما ذكرت ، وكلّ ما سمعت فمعناه على غير ما ذهبت اليه ،
__________________
(١) آل عمران : ٧.
(٢) البقرة : ١٨٩.
(٣) بحار الأنوار ج ١٩ الطبع القديم باب ١٢٩ ص ١٢٢ ، الإحتجاج ص ١٣٠.