وسمي القلب واللسان بالأصغرين لصغر حجمهما .. أي إن قدر المرء يقاس عليهما. ومؤنث «امرؤ» هو امرأة ولا تدخل «أل» التعريف على «امرئ» وتدخل نادرا على «امرأة» لأن الأفصح قولنا : المرأة .. وفي لغة أخرى هي «مرأة» ويجوز نقل حركة الهمزة إلى الراء فتحذف وتبقى «مرة». قال الكسائي : سمعت امرأة من فصحاء العرب تقول : أنا امرأ أريد الخير ـ لفظت بغير هاء ـ وجمعها : نساء ونسوة من غير لفظها. وخوطبت المرأة الواحدة بخطاب الجمع المذكر .. يقول الرجل عن أهله : فعلوا كذا. مبالغة في سترها حتى لا ينطق بالضمير الموضوع لها.
** (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والعشرين .. المعنى : يتجاذبون في الجنة خمرا لا لغو .. في شربها أي لا يتكلمون بسقط الحديث ولا يفعلون ما يؤثم به فاعله .. كما يفعل المتنادمون في الدنيا على الشراب وحديثهم بما لا طائل تحته في سفههم وعربدتهم .. وإنما يتكلمون في الجنة بالحكم والكلام الحسن متلذذين بذلك لأن عقولهم ثابتة غير زائلة وهم حكماء علماء. وعد سبحانه وتعالى الكذب والشتم والفواحش إثما في قوله «لا لغو فيها ولا تأثيم» قال الشاعر :
شاتمني عبد بني مسع |
|
فصنت عنه النفس والعرضا |
ولم أجبه لاحتقاري له |
|
من ذا يعض الكلب إن عضا |
وقيل : الشتم : مفتاح للشر لا ينفع معه ندم واعتذار. و «شاتمه» بمعنى : شتمه. ويقال : نادمني بمعنى : جالسني على الشراب ومنه تنادم القوم على الشراب : أي تجالسوا. والنديم : هو الرفيق والصاحب والمنادم على الشراب. قال الشاعر :
ألا رب يوم قد تقضى بصاحب |
|
يوازن حفظي للقريض بحفظه |
إذا لم تدر كأس المدامة بيننا |
|
أديرت كئوس بين لفظي ولفظه |
و «المدامة» هي الخمر وهي مصدر الفعل «نادم» ويطلق على الخمر «أم ليلى» و «ليلى الخمر» هو نشوتها وبدء سكرها أعاذنا الله تعالى من الخمرة ـ خمرة الدنيا» فهي شر البلايا وهي من الفواحش والكبائر.
(ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) (٨)
(ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال من «العذاب». ما : نافية لا عمل لها. له : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. من : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. دافع : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر.
(يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً) (٩)
(يَوْمَ تَمُورُ) : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة والعامل فيه «دافع» وهو مضاف ويجوز أن يكون مفعولا به منصوبا بفعل محذوف تقديره : اذكر. تمور : فعل مضارع مرفوع بالضمة.