قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ») والثاني قريب قرابة فيطابق فيقال : هند قريبة وهما قريبتان وقال الخليل ـ كما ذكر الفيومي ـ : القريب والبعيد يستوي فيهما المذكر والمؤنث والجمع. وقال ابن الأنباري قريب : مذكر موحد. تقول : هند قريب والهندات قريب لأن المعنى : الهندات مكان قريب وكذلك بعيد ويجوز أن يقال : قريبة وبعيدة لأنك تبنيهما على «قربت» و «بعدت» وفي قوله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ) لا يجوز حمل التذكير على معنى أن فضل الله لأنه صرف اللفظ عن ظاهره بل لأن اللفظ وضع للتذكير والتوحيد. وجعله الأخفش على التأويل فقال : المعنى : إن نظر الله. وزيد قريبي وهم الأقرباء والأقارب والأقربون وهند قريبتي وهن القرائب وقال الصحاح عن الآية الكريمة المذكورة آنفا : لم يقل قريبة لأنه سبحانه أراد بالرحمة : الإحسان وقال الفراء : القريب : في معنى المسافة يذكر ويؤنث وفي معنى النسب يؤنث بلا خلاف. تقول : هذه المرأة قريبتي : أي ذات قرابتي.
** (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة والعشرين المعنى : واذكر يا محمد حين وجهنا إليك جماعة أو طائفة من الجن لاستماع القرآن الكريم. و «النفر» جماعة الرجال من ثلاثة إلى عشرة وقيل : إلى سبعة ولا يقال : نفر فيما زاد على العشرة.
** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في تسعة من الجن هبطوا على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة فلما سمعوه «قالوا : أنصتوا» وهذا دليل واضح على أن الرسول الكريم محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان مرسلا من الله تبارك وتعالى إلى الثقلين : أي الإنس والجن.
** (وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والثلاثين .. وفيه جاء الفعل «يجب» بصيغة الإفراد على لفظ «من» وكذلك ما بعده «ليس» و «معجز» والضمير في «له من دونه» في حين جاء اسم الإشارة «أولئك» بصيغة الجمع على معنى «من» لأن الاسم «من» مفرد لفظا مجموع معنى كما حذف النعت أو البدل المشار إليه بعد اسم الإشارة اختصارا لأن ما قبله دال عليه. المعنى : أولئك المعرضون أو المنصرفون عن الداعي أي غير المجيبين.
** (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة والثلاثين. المعنى : يوم تعرض النار على الكافرين أي يعذبون بها وقد شرح المعنى في الآية الكريمة العشرين.
** (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) : جاء هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الخامسة والثلاثين سمي بعض الرسل أولي العزم : أي أصحاب الجد والثبات أي أصحاب الشرائع الذين تحملوا العناء والمشاق في سبيل تأسيسها ومن جملتهم الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عند مخاطبته سبحانه لنبيه الحبيب بقوله : فاصبر. وقيل : يراد بأولي العزم : بعض الأنبياء ؛ قيل : هم «نوح» صبر على أذى قومه كانوا يضربونه حتى يغشى عليه. و «إبراهيم» : على النار وذبح ولده. و «إسحاق» : على الذبح و «يعقوب» : على فقد ولده وذهاب بصره. و «يوسف» : على الجب والسجن. و «أيوب» على الضر. و «داود» : بكى على خطيئته أربعين سنة. و «موسى» قال له قومه : إنا لمدركون أي لملحقون. وقيل أولو العزم صفة الرسل كلهم.