وقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا فقد جاء على الغالب في الإطلاق أي أن «الريح» لم ترد في القرآن الكريم ـ كما يقولون : إلا عذابا بخلاف الرياح .. و«الصبا» هي رياح الرحمة ـ وتلفظ بفتح الصاد. وقال الشاعر :
أيا جبلي نعمان بالله خليا |
|
نسيك الصبا يخلص إلى نسيمها |
فإن الصبا ريح إذا ما تنفست |
|
على قلب محزون تجلت همومها |
و«الصبا» بفتح الصاد : ريح تهب من جهة الشرق ويقابلها الدبور وهي ريح تهب من جهة الغرب لأن الرياح أربعة أنواع .. أي تهب من الجهات الأربع أما تلك التي تهب من جهة الجنوب فتسمى : القبلية وثمة ريح الشمال وهي الشمالية. أما «الصبا» بكسر الصاد فيعني الشوق ومن معانيه أيضا : الصغر .. يقال : رأيته في صباه : أي في صغره ومنه يقال : تصابى الرجل : أي مال إلى اللهو واللعب كما يفعل الصبي.
** (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة والأربعين بمعنى ولتطلبوا الرزق من بعض فضله ولعلكم تشكرون نعمته عليكم أي لتشكروا نعمته فتوحدوه فحذف مفعول «تبتغوا» وهو «الرزق» ومفعول «تشكرون» وهو «نعمته».
** (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة والأربعين .. أي فجاءوهم بالآيات البينات بمعنى بالمعجزات الواضحات فحذف الموصوف «الآيات» اختصارا.
** (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة والأربعين .. المعنى : فتسوق الرياح سحابا وتهيجه وتدلنا الآية الكريمة أن الرياح هي التي تنشئ السحاب وتكون مبدأ لإنزال المطر. وقيل : إن العرب كانوا يزعمون أن السحاب يحمل الماء من بحار الأرض ثم يرجعه إلى الأرض .. ولهذا سمي المطر : رجعا كما سمي أوبا تسمية بمصدري الفعلين : «رجع» و«آب» وقد أرادوا التفاؤل فسموه رجعا وأوبا ليرجع ويثوب. وقيل : لأن الله تعالى يرجعه وقتا فوقتا كما في سورة «الطارق» : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) أي والسماء ذات المطر أو التي ترجع في كل دورة إلى الموضع الذي تتحرك منه.
** (فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخمسين .. وفيه حذف المشار إليه الصفة أو البدل لأن التقدير : إن ذلك المحيي أو القادر على إحياء الأرض بقدرته قادر على إحياء الموتى وغيرهم والمحذوف اختصارا هو الصفة «القادر» وكلمة «آثار» جمع «أثر» وتدل على بقايا الأقوام في الأزمنة الغابرة من أماكن شاخصة ودالة عليها واخذت اللفظة تطلق على كل المخلفات التي تشير إلى حضارات الأقدمين وهو مأخوذ من الفعل «أثر» نحو : أثرت الحديث : أي نقلته فالحديث مأثور أي منقول ـ لأنه اسم مفعول ـ وكل قديم متوارث فهو مأثور .. والأثري : هو المنسوب إلى الأثر ومنه «علم الآثار» فالعالم بالآثار أو المشتغل بها يقال عنه : رجل آثاري ولا يقال : أثري والأشياء المنقولة والمتروكة هي الأثرية نحو : هذه مدينة أثرية .. أماكن أثرية .. نقود أثرية .. لغة أثرية أي من المخلفات القديمة التي تحكي وتشير إلى حضارات الأقدمين والأزمان الغابرة. ويطلق على المكان الذي يحوي هذه الآثار : «المتحف» بضم الميم وفتح الحاء لأنه اسم مفعول ويقال متحف آثاري لأنه شبه بالعالم الآثاري فشبه باسم الفاعل.