(بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بجاءهم. الفاء استئنافية. استكبروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. في الأرض : جار ومجرور متعلق باستكبروا.
(وَما كانُوا سابِقِينَ) : تعرب إعراب «وكانوا مستبصرين» في الآية الكريمة السابقة و«ما» نافية لا عمل لها بمعنى فما فاتونا بل أهلكناهم.
** (وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والثلاثين .. أي واذكر يا محمد أولئك العتاة وقيل : المعنى : وأهلكنا قارون الشهير بثرائه المتكبر وفرعون الطاغية الجبار المتأله وهامان وزير فرعون الذي أعانه على الظلم .. ويحكى أن «قارون» كان يؤذي نبي الله موسى ـ عليهالسلام ـ كل وقت وهو يداريه للقرابة التي بينهما حتى نزلت الزكاة فصالحه ـ أي وافقه ـ عن كل ألف دينار على دينار وعن كل ألف درهم على درهم فحسبه فاستكثره فشحت به نفسه فجمع بني قومه وقال : إن «موسى» أرادكم على كل شيء وهو يريد أن يأخذ أموالكم. فقالوا : أنت كبيرنا وسيدنا فمر بما شئت. قال : نبرطل ـ أي نرشو ـ فلانة ـ السيئة السمعة ـ حتى ترميه بنفسها فيرفضه بنو قومه! فجعلوا لها ألف دينار وقيل : طستا ـ إناء من النحاس ـ من الذهب. وقيل : طستا من ذهب مملوءة ذهبا فلما كان يوم عيد قام «موسى» فقال : يا بني قومي من سرق قطعناه ومن افترى جلدناه ومن زنى وهو غير محصن جلدناه وإن أحصن رجمناه. فقال «قارون» وإن كنت أنت؟ قال : وإن كنت أنا. قال : فإن بني قومك يزعمون أنك فجرت بفلانة! فأحضرت فناشدها «موسى» بالذي فلق البحر وأنزل التوراة أن تصدق. فتداركها الله سبحانه .. «أي ألحقها برحمته» فقالت : كذبوا. بل جعل لي «قارون» جعلا «أي أجرا» أن أقذفك بنفسي فخر «أي فوقع» موسى ساجدا يبكي وقال : يا ربي إن كنت رسولك فاغضب لي. فأوحى إليه أن مر الأرض بما شئت فإنها مطيعة لك. فقال «موسى» : يا بني قومي إن الله بعثني إلى «قارون» كما بعثني إلى «فرعون» فمن كان معه فليلزم مكانه ومن كان معي فليعتزل. فاعتزلوا جميعا غير رجلين. ثم قال : يا أرض خذيهم. فأخذتهم إلى الركب ثم قال : خذيهم. فأخذتهم إلى الأوساط. ثم قال : خذيهم. فأخذتهم إلى الأعناق. و«قارون» وأصحابه يتضرعون إلى «موسى» ويناشدونه بالله والرحم «أي والقربى» و«موسى» لا يلتفت إليهم لشدة غضبه ثم قال : خذيهم. فانطبقت الأرض عليهم. وأوحى الله تعالى إلى «موسى» عليهالسلام : ما أفظك! استغاثوا بك مرارا فلم ترحمهم أما وعزتي لو إياي دعوا مرة واحدة لوجدوني قريبا مجيبا. فأصبح بنو قومه يتناجون بينهم : إنما دعا «موسى» على «قارون» ليستبد بداره وكنوزه! فدعا الله حتى خسف بداره وأمواله. و«الفظ» هو الشديد الغليظ القلب وقوله : ما أفظك! فيه معنى التعجب. يقال : فظ الرجل ـ يفظ ـ فظا وفظاظة : من باب «تعب» بمعنى : غلظ حتى يهاب في غير موضعه .. وهو فظ. والكاف في «ما أفظك» ضمير