تلفظ بتخفيف الياء وتشديدها. و«به» أي بالمطر .. وقيل : عد كافرا من نسب الأمطار إلى الأنواء فقط وينكر أن تكون الأمطار ومعها الأنواء من خلق الله تعالى .. أما من كان يرى أن الله تعالى هو خالق هذه الأمطار وقد نصب سبحانه الأنواء دلائل وأمارات ـ بفتح الهمزة أي علامات ـ عليها فهذا غير كافر لأنه يؤمن أن ما من شيء في الوجود كله إلا وهو من صنع الله سبحانه وتعالى.
** (وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً) : يقال : سقى ـ يسقي ـ سقيا .. من باب رمى .. أي أعطاه الماء بيده وقيل : الفعل الرباعي «أسقى» لغة من «سقى» نحو سقانا الله الغيث وأسقانا .. ومنهم من يقول : سقيته : بمعنى : شفاها أي أعطاه الماء بيده ليشرب وأسقيته إذا جعلت له سقيا. ويقال : سقيت الزرع فأنا ساق ـ اسم فاعل والزرع مسقي ـ اسم مفعول. ويقال للقناة الصغيرة : ساقية ـ اسم فاعل ـ لأنها تسقي الأرض. وقال الجوهري : يقال : سقاه : أي لشفته وأسقاه : أي لماشيته وأرضه. أما «أناسي» فمعناها : أناس أو بشر والكلمة جمع «إنسي ..» وقيل : مفردها : أنسي. و«الأنس» البشر ومفرده : إنسي ـ بكسر الهمزة .. وسكون النون وبفتح الهمزة والنون. وقيل : هي جمع «ناس» و«ناس» أيضا جمع أو هي اسم وضع للجمع كالقوم والرهط وواحده ـ مفرده ـ : إنسان من غير لفظه مشتق من الفعل «ناس ينوس» : أي تدلى وتحرك فيطلق على الجن والإنس .. وسمي «الجن» ناسا كما سموا رجالا. قال تعالى في سورة «الجن» : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ) وكانت العرب تقول : رأيت ناسا من الجن ولكنه غلب استعماله في الإنس.
** (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والخمسين وفيه سمى سبحانه الماءين الكثيرين الواسعين بحرين .. المعنى : خلاهما لا يلتبسان .. أي منع أحدهما من الامتزاج بالآخر رغم كونهما متجاورين متلاصقين هذا بحر فرات أي بليغ العذوبة يكسر العطش ضارب إلى الحلاوة وهذا بحر مالح بليغ الملوحة و«ملح» بمعنى «مالح» بحذف الألف تخفيفا مثل «بردا» بمعنى : باردا .. وجعل بينهما بقدرته حاجزا أو سدا لا يمكن اقتحامه. أما قوله «حجرا محجورا» فواقع هنا على سبيل المجاز لأن كل واحد من البحرين يتعوذ من صاحبه ويقول له : حجرا محجورا كما قال سبحانه «لا يبغيان» أي لا يبغي أحدهما على صاحبه بالممازجة فانتفاء البغي هناك كالتعوذ هاهنا .. جعل كل واحد منهما في صورة الباغي على صاحبه فهو يتعوذ منه! وهي من أحسن الاستعارات وأشهدها على البلاغة. وهذا القول الكريم «حجرا محجورا» بمعنى : دفعه ومنعه. وتقوله العرب عند الأمر الذي تنكره. يقال : مرج الدابة : أي أرسلها ترعى. وبابه : نصر. ويقال : مرج الأمر والدين : بمعنى : اختلط وهو من باب «طرب» ومنه «الهرج والمرج» وتسكين المرج جاء للازدواج ويقال : ساد أو عم الملعب هرج ومرج ـ يفتح الراء فيهما ـ والصحيح لفظهما بسكون الراء .. والأصل هو تسكين الراء في «هرج» أما «المرج» فهو بفتح الراء لأنه مصدر الفعل «مرج» أما الفعل «هرج» بتشديد الراء فهو لفظة عامية يطلقونها على من يمزح ويؤتي بما يضحك منه ويسمون من يفعل ذلك مهرجا ـ بكسر الراء لأنه اسم فاعل. و«حجرا محجورا» ذكره سيبويه في باب المصادر غير المنصرفة المنصوبة بأفعال متروك إظهارها نحو : معاذ الله وقعدك الله وعمرك الله .. وهذه كلمة كانوا يتكلمون بها عند لقاء عدو موتور ـ اي لم يأخذ