والناظر في كتب
التفسير يرى أن واحدا منهم غلب عليه علم من هذه العلوم مع إحاطته بها كلها قبل
التصدى لتفسير القرآن الكريم ، فمثلا القرطبي يهتم بالأحكام القرآنية ، مع إحاطته
بكل ما سبق ، وأبو حيان يهتم باللغة والقراءات مع إحاطته ببقية العلوم.
وهذا الكتاب
الذي بين أيدينا نرى من اسمه ظهر اهتمامه ، فهو إعراب للقرآن ومعانيه ، يهتم
بالإعراب وعليه يورد المعنى كاتجاه لغوي باحث في القرآن الكريم الذي نزل بلسان
عربي مبين.
ولزاما علينا
أن نعرّف لك التفسير والتأويل لأن الزجاج في هذا الكتاب سوف يقول لنا : «والمعنى :
كذا» وربما قال : «يكون التأويل كذا» ، ونحن لا نريد أن ندخل في أراء كثيرة وفروق
بين كل تعريف وترجيح هذا على ذاك فهذا ليس مقامه ، ومع اختصار أقول :
التفسير : في اللغة يعني الإيضاح والتبيين لقوله تعالى : (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا
جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) [الفرقان : ٣٣] أي : بيانا وتفصيلا .
أما في
الاصطلاح : فقد اختلفت عبارات العلماء في البيان عن معنى التّفسير في الاصطلاح ،
وجاءوا بعبارات كثيرة أقربها وأيسرها أنّ المراد بالتّفسير : بيان المعنى الّذي
أراده الله بكلامه ، على قدر فهم المفسر وبيانه .
ويهدف علم
التفسير إلى فهم كتاب الله تعالى ، واستنباط الأحكام الشرعية بوجه صحيح ، ومعرفة
المنهج الإلهي القويم ، والتذكير بحق الله تعالى على عباده ، وإنقاذهم من شرك
الضلال ، وشباك الشياطين ، والاطلاع على حقيقة الكون والإنسان والحياة لقوله تعالى
: (إِنَّ هذَا
الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء : ٩].
والتأويل : يقصد به ترجيح معنى من المعاني المحتملة للفظ ، أو
لجمله. ومن ثم يختلف التأويل عن التفسير. فالتفسير : من الفسر : وهو كشف المغطّى
وإبانته. والتأويل هو رد أحد المحتملين إلى ما يطابق الظاهر .
ويتحقق التأويل
بشروط ثلاثة :
أولا : أن لا يمكن حمله على ظاهره.
ثانيا : جواز إرادة ما حمل عليه.
__________________