سورة الفاتحة (١)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١))
(بِسْمِ اللهِ) أبدأ بسم الله ، أو بدأت بسم الله ، الاسم صلة ، أو ليس بصلة عند الجمهور ، واشتق من السمة ، وهي العلامة ، أو من السمو.
(اللهِ) أخص أسماء الرب لم يتسم به غيره (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) [مريم : ٦٥] تسمى باسمه ، أو شبيها. أبو حنيفة : «هو الاسم الأعظم» وهو علم إذ لا بد للذات من اسم علم يتبعه أسماء الصفات ، أو هو مشتق من الوله لأنه يأله إليه العباد : أي يفزعون إليه في أمورهم ، فالمألوه إليه إله ، كما أن المأموم به إمام أو اشتق من التأله وهو التعبد ، تأله فلان : تعبد ، واشتق من فعل العبادة فلا يتصف به في الأزل ، أو من استحقاقها على الأصح فيتصف به
__________________
(١) تسمى سورة الفاتحة بهذا الاسم لافتتاح الكتاب العزيز بها ، كما تسمى أم الكتاب لأنها جمعت مقاصده الأساسية ، وتسمى أيضا السبع المثاني ، والشافية ، والوافية ، والكافية ، والأساس ، والحمد ، وهي سورة مكية ، نزلت بعد سورة المدثر.
يدور محور السورة حول أصول الدين وفروعه ، والعقيدة ، والعبادة ، والتشريع ، والاعتقاد باليوم الآخر ، والإيمان بصفات الله الحسنى ، وإفراده بالعبادة والاستعانة والدعاء ، والتوجه إليه جل وعلا بطلب الهداية إلى الدين الحق والصراط المستقيم ، والتضرع إليه بالتثبيت على الإيمان ونهج سبيل الصالحين ، وتجنب طريق المغضوب عليهم والضالين ، والإخبار عن قصص الأمم السابقين ، والاطلاع على معارج السعداء ومنازل الأشقياء ، والتعبد بأمر الله سبحانه ونهيه.
وسبب نزول السورة : عن أبي ميسرة أن رسول الله كان إذا برز سمع مناديا يناديه : يا محمد فإذا سمع الصوت انطلق هاربا فقال له ورقة بن نوفل : إذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك قال :
فلما برز سمع النداء يا محمد فقال : لبيك قال : قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ثم قال قل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) حتى فرغ من فاتحة الكتاب وهذا قول علي بن أبي طالب.
فضل السورة : روى الإمام أحمد في مسنده أن أبي بن كعب قرأ على الرسول أم القرآن الكريم فقال رسول الله : " والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها ، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته" فهذا الحديث يشير إلى قول الله تعالى في سورة الحجر (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ).