[الكهف : ٢١]. وأصل العثور : الوقوع والسقوط على الشيء.
والمعنى أنه إذا اطلع ، بعد التحليف ، على أن الشاهدين أو الوصيين استحقا إثما : أي استوجبا إثما ، إما لكذب في الشهادة ، أو اليمين ، أو لظهور خيانة.
قال أبو عليّ الفارسي : الإثم هنا اسم الشيء المأخوذ ؛ لأن آخذه يأثم بأخذه.
يسمّى إثما كما سمّي ما يؤخذ بغير حق مظلمة.
وقال سيبويه : المظلمة اسم ما أخذ منك ؛ فكذلك سمي هذا المأخوذ باسم المصدر.
(فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما) : أي فشاهدان آخران ، أو حالفان آخران ، فيقومان مقام اللذين عثر على أنهما استحقا إثما ، فيشهدان أو يحلفان على ما هو الحق ، وليس المراد أنهما يقومان مقامهما في أداء الشهادة التي شهدها المستحقان للإثم.
(مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ) : استحق مبني للمفعول في قراءة الجمهور.
وقرأ علي وأبيّ وابن عباس وحفص على البناء للفاعل. والأوليان ـ على القراءة الأولى ـ مرتفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي هما الأوليان. كأنه قيل : من هما؟ فقيل هما الأوليان. وقيل : هو بدل من الضمير في يقومان ، أو من آخران.
وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة : الأوّلين جمع أول على أنه بدل من الّذين ، أو من الهاء والميم في عليهم.
وقرأ الحسن : الأولان ، والمعنى على بناء الفعل للمفعول من الذين استحق عليهم الإثم : أي جنى عليهم ، وهم أهل الميت وعشيرته فإنهم أحق بالشهادة أو اليمين من غيرهم. فالأوليان تثنية أولى والمعنى ـ على قراءة البناء للفاعل ـ من الذين استحق عليهم الأوليان من بينهم بالشهادة أن يجردوهما للقيام بالشهادة ، ويظهروا بما كذب الكاذبين ، لكونهما الأقربين إلى الميت (١).
فالأوليان فاعل استحق ، ومفعوله أن تجردوهما للقيام بالشهادة. وقيل : المفعول محذوف ، والتقدير : من الذين استحق عليهم الأوليان بالميت وصيته التي أوصى بها.
__________________
(١) انظر توجيه ابن جني للقراءات في هذه الآية من كتابه «المحتسب» (١ / ٢٢٠ ، ٢٢٢) ط. المجلس الأعلى ـ القاهرة.