جماع أو تحريض عليه لا يجوز. وقال أيضا : أجمعت الأمة على كراهة المواعدة في العدة للمرأة في نفسها وللأب في ابنته البكر وللسيد في أمته.
(إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً) قيل : هو استثناء منقطع بمعنى : لكن. والقول المعروف : هو ما أبيح من التعريض ، ومنع صاحب «الكشاف» أن يكون منقطعا وقال : هو مستثنى من قوله : (لا تُواعِدُوهُنَ) أي مواعدة قط إلا مواعدة معروفة غير منكرة ؛ فجعله على هذا الاستثناء مفرغا ووجه كونه منقطعا أنه يؤدي إلى جعل التعريض موعودا وليس كذلك ؛ لأن التعريض طريق المواعدة لا أنه الموعود في نفسه.
(وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ) أي على عقدة النكاح وحذف على. قال سيبويه في هذه الآية : لا يقاس عليه. وقال النحاس : أي لا تعقدوا عقدة النكاح لأن معنى تعزموا وتعقدوا واحد. وقيل : إن العزم على الفعل يتقدمه فيكون في هذا النهي مبالغة لأنه إذ نهى عن التقدم على الشيء كان النهي عن ذلك الشيء بالأولى. (حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) : يريد حتى تنقضي العدّة ، والكتاب هنا : هو الحد والقدر الذي رسم من المدة ؛ سماه كتابا لكونه محدودا ومفروضا كقوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً (١٣٠)) [النساء : ١٠٣]. وهذا الحكم ـ أعني تحريم عقد النكاح في العدة ـ مجمع عليه.
[الآية الثامنة والأربعون]
(لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦)).
المراد بالجناح هنا : التبعة من المهر ونحوه ، فرفعه رفع لذلك : أي لا تبعة عليكم بالمهر ونحوه (إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) على الصفة المذكورة (ما لَمْ تَمَسُّوهُنَ) ما مصدرية ظرفية بتقدير المضاف : أي مدة عدم مسيسكم. وقيل : شرطية من باب اعتراض الشرط على الشرط ليكون الثاني قيدا للأول ، والمعنى : إن طلقتموهنّ غير ماسين لهنّ. وقيل : موصولة : أي إن طلقتم النساء اللائي لم تمسوهن.
وهكذا اختلفوا في قوله (أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) فقيل : «أو» بمعنى «إلا» أي : إلا أن تفرضوا.