بل المراد تبيين الحرف الغريب من القرآن بالشعر ؛ لأنه تعالى يقول : (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا)(١) ، وقال : (وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)(٢).
مسائل ابن الأزرق
ولعلّ أوسع ما أثر عن ابن عباس في هذا الباب هي مسائل نافع بن الأزرق الخارجي (٣) ، جاء ليسأل حبر الأمّة تعنّتا لا تفهّما. وكان متقنا للعربية وأمير قومه وفقيههم ، فحاول إفحام مثل ابن عباس استظهارا لمذهبه.
والقصّة كما رواها السيوطي في الإتقان ، فيها شيء من الغرابة ، ولعلّ فيها زيادة وتحريفا ، غير أنها على كل حال تحدّد من اتجاه ابن عباس اللّغوي في التفسير ، واضطلاعه بالأدب الرفيع.
قال جلال الدين السيوطي : قد روينا عن ابن عباس كثيرا من استشهاده بالشعر لحلّ غريب القرآن ، وأوعب ما رويناه عنه مسائل ابن الأزرق ـ وساقها تماما حسب استخراجه من كتاب الوقف لابن الأنباري ، والمعجم الكبير للطبراني ـ (٤) ولنذكر منها طرفا :
قال بينا عبد الله بن عباس جالس بفناء الكعبة ، قد اكتنفه الناس يسألونه عن تفسير القرآن ، وإذا بنافع بن الأزرق قال لنجدة بن عويمر (٥) : قم بنا إلى هذا الذي
__________________
(١) الزخرف / ٣.
(٢) النحل / ١٠٣ ، الإتقان ، ج ٢ ، ص ٥٥.
(٣) نافع بن الأزرق الحنفي الحروري ، رأس الأزارقة من الخوارج وإليه نسبتهم. هلك سنة (٦٥ ه)
(٤) راجع الإتقان ، ج ٢ ، ص ٥٦ ـ ٨٨.
(٥) نجدة بن عامر الحنفي الحروري ، رأس الفرقة النجدية. كان من أصحاب الثورات ذلك العهد. هلك سنة (٦٩) ه.