قال : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا
الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) ، أي سهّلناه للاتّعاظ. وكرّرت هذه الآية أربع مرات في
سورة واحدة! فلا يجوز أن ندّعي أنّ ما يسّره الله للتذكّر والاتعاظ ، معمّى لا
يمكن فكّه ، وطلسم لا يستطاع حلّه.
نعم إنّ
المفسّرين بعد القرنين الأوّلين تذرّعوا بالفنون الآليّة التي وضعوها لضبط قواعد
اللّغة ، من : نحو وبيان وبديع ومعاني ، إلى زيادة التعمّق في تمحيص الآيات لهذا
السبب ـ وأكثر هذا التعدّد آلي محض ـ ولكن المعاني لم تخرج قطّ عن دائرة الفهم ،
فلم يدّع أحد أنّ القرآن لم يفهم في عصر من العصور ، ولا سيما الآيات المحكمات.
وكيف يمكن أن يقال : إنّ محكمات القرآن لم تفهم على حقيقتها ، وقد انبنى عليها
الدين كله عقائده وعباداته ومعاملاته؟!
فاللّجنة التي
ستدّعي لترجمة القرآن ستنظر في المعاني التي قرّرها أئمة التفسير ، فإن آنسوا في
بعضها ـ خلافا بينهم ـ عمدوا إلى اختيار ما رضيه جمهورهم ، مشيرين في الهامش إلى
بقية الاحتمالات ؛ فتكون الترجمة قد استوعبت جميع الآراء.
هذا في آيات
العقائد والعبادات والمعاملات. وأمّا الآيات الكونية والتاريخية والمتشابهات ،
فإنّ اللجنة ستترجم معانيها على ما يحتمله اللّفظ العربيّ ، ولا تتعرّض لشرحها ،
فمثل قوله تعالى : (وَاللهُ الَّذِي
أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً ...) مثل هذه الآية تتولّاها لجنة التفسير فتعطي معناها
الصحيح للجنة الترجمة لتترجمه ، دون أن تتعرّض ـ هذه الأخيرة ـ لما تشير إليه
الألفاظ من الدلالات العلمية. ولكنها تجتهد في ترجمة كلمة «تثير» مثلا لتكون واجدة
لجميع
__________________