التبدل والموت والفناء من مقومات حقيقة هذا العالم ولذا بدأ بالحكم العام المقضي له في حق كل ذي حياة ولا يستثنى من ذلك احد فاصل القضية وجداني لكل ذي حياة. نعم عامة الناس محرومون عن ترتيب الأثر على هذا الأمر الوجداني قال تعالى : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) الأنبياء ـ ١ وفي الحديث : «الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا».
والآية الشريفة تنبه الناس الى المصير المحتوم ، وتزجرهم عن ما هم عليه من الغفلة والذهول ، وتحرض المؤمنين الى القتال مع اعداء الله تعالى ، وتبين أن هذه المعركة حتمية فلا ينبغي الخوف لان كل نفس ذائقة الموت ، فمن يقعد عن القتال لا ينجو من الموت فلا عذر في القعود ، ثم هي توعد الكافرين والمنافقين الذين قعدوا عن القتال فان الموت لا بد منه وهو ملاقيهم ولا مفر منه قال تعالى : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الجمعة ـ ٩ وليست الدنيا إلا متاعا يستمتع به الإنسان ثم يزول مهما طال الزمن فهم لا بد لهم من الورود على الله عزوجل الذي يجازيهم على أعمالهم ، فالآية المباركة تتضمن الوعد للمصدق والوعيد للمكذب.
وهي تسلي النبي (صلىاللهعليهوآله) والمؤمنين بأن حياة الظالمين منتهية لا محالة وسينتهي ما يلاقونه منهم من البلاء والعذاب ، وليس عليكم من أوزارهم شيئا.
والمراد بالنفس ما به الحياة وعمومها يشمل كل ذي حياة من الإنسان والحيوان والنبات والملائكة قال تعالى : (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ