انه لو لم يكن الفحص واجبا لم يكن وجه للأمر بالسؤال والتفقه والذم على تركه.
الطائفة الثانية : ما تضمن مؤاخذة الجاهل بفعل المعصية لترك التعلم ، لاحظ ما عن الأمالي (١) عن الامام الصادق (ع) انه سئل عن قوله تعالى (فلله الحجة البالغة) (٢) فقال ان الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : عبدي أكنت عالما؟ فإن قال نعم ، قال له : أفلا عملت بما علمت؟ وان كان جاهلا ، قال له : أفلا تعلمت حتى تعمل؟ فيخصمه فتلك الحجة البالغة. وتقريب الاستدلال بها واضح.
وأورد على الاستدلال بها المحقق العراقي بايرادين :
الأول : اختصاصها بالفحص الموجب للعلم بالواقع ، والمطلوب أعم من ذلك. الثاني : انها ظاهرة في الإرشاد إلى حكم العقل بلزوم الفحص لأجل استقرار الجهل الموجب لعذره ، فعموم أدلة البراءة حينئذ ، واردة عليهما.
وفيهما نظر : اما الأول : فلقيام الامارات مقام العلم. واما الثاني : فلانها ظاهرة في الإرشاد إلى حكمه بلزوم الفحص عما جعله الشارع.
الموضع الثاني : في مقدار الفحص اللازم والظاهر انه لا حد مضبوط له ، بل حده حصول الاطمينان ، الذي هو حجة عقلائية بعدم وجود دليل من خبر أو اجماع تعبدي. فاللازم هو تتبع كتب الأخبار ، وكلمات الأبرار ، لتحصيل
__________________
(١) الأمالي للطوسي ص ٩ والامالي للمفيد ص ٢٢٧ و ٢٩٢.
(٢) سورة الأنعام الآية ١٤٩.